بِنَفْسِهِ وَقَدَرَ عَلَى إصْلَاحِ أُمُورِهِ بِنَفْسِهِ فَوَجَبَ انْفِكَاكُ الْحَجْرِ عَنْهُ (وَإِلَيْهِ الْخِيَرَةُ فِي الْإِقَامَةِ عِنْدَ مَنْ شَاءَ مِنْ أَبَوَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ تَثْبُتْ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ (فَإِنْ كَانَ رَجُلًا فَلَهُ الِانْفِرَادُ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرَدَ يُخَافُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ فَيُمْنَعُ مِنْ مُفَارَقَتِهِمَا) دَفْعًا لِلْمَفْسَدَةِ (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْوَلَدِ (أَنْ لَا يَنْفَرِدَ عَنْهُمَا وَلَا يَقْطَعَ بِرَّهُ عَنْهُمَا) لِحَدِيثِ: مَنْ أَبَرُّ (وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَلَيْسَ لَهَا الِانْفِرَادُ) بِنَفْسِهَا (وَلِأَبِيهَا وَأَوْلِيَائِهَا - عِنْدَ عَدَمِهِ - مَنْعُهَا مِنْهُ) أَيْ مِنْ الِانْفِرَادِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا أَنْ تُخْدَعَ.
(وَ) يَجِبُ (عَلَى عَصَبَةِ الْمَرْأَةِ مَنْعُهَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ) بَلْ كُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ (فَإِنْ لَمْ تُمْنَعْ إلَّا بِالْحَبْسِ حَبَسُوهَا وَإِنْ احْتَاجَتْ إلَى الْقَيْدِ قَيَّدُوهَا، وَمَا يَنْبَغِي لِلْوَلَدِ أَنْ يَضْرِبَ أُمَّهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَطِيعَةٌ لَهَا وَلَكِنْ يَنْهَى وَيُدَارِيهَا.
(وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ) أَيْ لِعَصَبَاتِ الْمَرْأَةِ أُمًّا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا (مُقَاطَعَتُهَا بِحَيْثُ تَتَمَكَّنُ مِنْ السُّوءِ بَلْ) يَنْهَوْنَهَا (بِحَسَبِ قُدْرَتِهِمْ وَإِنْ احْتَاجَتْ إلَى رِزْقٍ وَكُسْوَةٍ كَسَوْهَا) يَقُومُ بِذَلِكَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي النَّفَقَاتِ (وَلَيْسَ لَهُمْ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهَا) لِأَنَّ إقَامَتَهُ تَخْتَصُّ بِالْحَاكِمِ وَالسَّيِّدِ (وَمَتَى أَرَادَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ النُّقْلَةَ إلَى بَلَدٍ مَسَافَةَ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ آمِنٌ هُوَ) أَيْ الْبَلَدُ (وَالطَّرِيقُ لِيَسْكُنَهُ فَالْأَبُ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ) سَوَاءٌ كَانَ الْمُقِيمُ هُوَ الْأَبُ أَوْ الْمُنْتَقِلُ؛ لِأَنَّ الْأَبَ فِي الْعَادَةِ هُوَ الَّذِي يَقُومُ بِتَأْدِيبِ الصَّغِيرِ وَحِفْظِ نَسَبِهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْوَلَدُ فِي بَلَدِ الْأَبِ ضَاعَ.
(قَالَ فِي الْهَدْيِ هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يُرِدْ) الْمُنْتَقِلُ (بِالنُّقْلَةِ مُضَارَّةَ الْآخَرِ) أَيْ مَا لَمْ يُرِدْ الْأَبُ بِالِانْتِقَالِ مُضَارَّةَ الْأُمِّ (وَانْتِزَاعَ الْوَلَدِ) مِنْهَا (فَإِذَا أَرَادَ ذَلِكَ لَمْ يُجَبْ إلَيْهِ) بَلْ يُعْمَلُ مَا فِيهِ مَصْلَحَةُ الْوَلَدِ (انْتَهَى) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: أَمَّا صُورَةُ الْمُضَارَّةِ فَلَا شَكَّ فِيهَا وَأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ عَلَى ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ) الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ (قَرِيبًا) أَيْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (لِلسُّكْنَى فَالْأُمُّ أَحَقُّ) لِأَنَّهَا أَتَمُّ شَفَقَةً، وَالسَّفَرُ الْقَرِيبُ كَلَا سَفَرٍ (وَإِنْ كَانَ) السَّفَرُ (بَعِيدًا) لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ (وَلَوْ لِحَجٍّ أَوْ) كَانَ السَّفَرُ (قَرِيبًا لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ أَوْ) كَانَ السَّفَرُ (بَعِيدًا لِلسُّكْنَى لَكِنَّهُ مَخُوفٌ هُوَ أَوْ الطَّرِيقُ فَمُقِيمٌ) مِنْهُمَا (أَوْلَى) لِأَنَّ فِي الْمُسَافَرَةِ بِالطِّفْلِ إضْرَارًا بِهِ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.
(فَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْأَبُ وَالْأُمُّ (فَقَالَ الْأَبُ: سَفَرِي لِلْإِقَامَةِ وَقَالَتْ الْأُمُّ: بَلْ) سَفَرُك (لِحَاجَةٍ وَتَعُودُ، فَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَدْرَى بِمَقْصُودِهِ (وَإِنْ انْتَقَلَا) أَيْ الْأَبَوَانِ (جَمِيعًا إلَى بَلَدٍ وَاحِدَةٍ فَالْأُمُّ بَاقِيَةٌ عَلَى حَضَانَتِهَا) لِعَدَمِ مَا يُسْقِطُهَا (وَإِنْ أَخَذَهُ الْأَبُ لِافْتِرَاقِ الْبَلَدَيْنِ ثُمَّ اجْتَمَعَا) أَيْ الْأَبَوَانِ (عَادَتْ إلَى الْأُمِّ حَضَانَتُهَا) لِزَوَالِ الْمَانِعِ انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute