مِنْ مُوضِحَةٍ) قُلْتُ وَيَتَعَيَّنُ أَرْشُهَا دُونَ الْقِصَاصِ مَعَ تَكْذِيبِ الْوَلِيِّ لِاعْتِرَافِهِ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا.
(وَإِنْ قَطَعَ وَاحِدٌ يَدَهُ مِنْ الْكُوعِ وَ) قَطَعَ (آخَرُ مِنْ الْمِرْفَقِ وَمَاتَ فَهُمَا قَاتِلَانِ) أَيْ فَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ (مَا لَمْ يَبْرَأْ الْأَوَّلُ) لِأَنَّهُمَا قَاطِعَانِ فَإِذَا مَاتَ بَعْدَهُمَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ كَمَا لَوْ كَانَا فِي يَدَيْنِ (فَإِنْ بَرِئَ) الْأَوَّلُ قَبْلَ قَطْعِ الثَّانِي (فَ) الْقَاتِلُ (الثَّانِي) لِأَنَّ جِنَايَةَ الْأَوَّلِ (قَدْ انْقَطَعَتْ سِرَايَتُهَا بِالِانْدِمَالِ) فَيُخَيَّرُ الْوَلِيُّ فِي الثَّانِي بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ (فَإِنْ انْدَمَلَ الْقَطْعَانِ أُقِيدَ الْأَوَّلُ بِأَنْ يُقْطَعَ مِنْ الْكُوعِ) كَمَا قَطَعَ (وَالثَّانِي إنْ كَانَتْ كَفُّهُ مَقْطُوعَةً أُقِيدَ أَيْضًا فَتُقْطَعُ يَدُهُ مِنْ الْمِرْفَقِ) كَمَا فَعَلَ (وَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ الثَّانِي (كَفٌّ) فَلَا قِصَاصَ لِتَعَذُّرِهِ (فَ) تَجِبُ (حُكُومَةٌ) قَدَّمَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ ثُلُثُ دِيَةِ يَدٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى فِي دِيَةِ الْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا.
(وَإِنْ قَتَلَهُ جَمَاعَةٌ) اثْنَانِ فَأَكْثَرُ (بِأَفْعَالٍ لَا يَصْلُحُ وَاحِدٌ مِنْهَا لِقَتْلِهِ نَحْوُ أَنْ يَضْرِبَهُ كُلُّ وَاحِدٍ سَوْطًا فِي حَالَةٍ أَوْ مُتَوَالِيًا فَلَا قَوَدَ فِيهِ عَنْ تَوَاطُؤٍ، وَجْهَانِ) وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ (الصَّوَابُ) وُجُوبُ (الْقَوَدِ) وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ (وَإِنْ فَعَلَ وَاحِدٌ فِعْلًا لَا تَبْقَى مَعَهُ الْحَيَاةُ كَقَطْعِ حُشْوَتِهِ أَوْ مَرِيئِهِ أَوْ وَدَجَيْهِ ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ آخَرُ فَالْقَاتِلُ هُوَ الْأَوَّلُ) لِأَنَّ الْحَيَاةَ لَا تَبْقَى مَعَ جِنَايَتِهِ، وَالْحُشْوَةُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا الْأَمْعَاءُ، وَالْمَرِيءُ بِالْمَدِّ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي الْحَلْقِ وَالْوَدَجَانِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا عِرْقَانِ فِي الْعُنُقِ (وَيُعَزَّرُ الثَّانِي كَمَا يُعَزَّرُ جَانٍ عَلَى مَيِّتٍ) فَلِهَذَا لَا يَضْمَنُهُ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا، فَالتَّصَرُّفُ فِيهِ كَمَيِّتٍ (وَإِنْ شَقَّ الْأَوَّلُ بَطْنَهُ أَوْ قَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِي عُنُقَهُ فَالثَّانِي هُوَ الْقَاتِلُ) لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ لِلنَّفْسِ جَزْمًا، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ أَوْ الدِّيَةُ إنْ عَفَا عَنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِجُرْحِ الْأَوَّلِ مِنْ حُكْمِ الْحَيَاةِ (وَعَلَى الْأَوَّلِ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَ بِالْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ وَلَوْ كَانَ جُرْحُ الْأَوَّلِ يُفْضِي إلَى الْمَوْتِ لَا مَحَالَةَ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ عَالَمِ الْحَيَاةِ وَتَبْقَى مَعَهُ الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ كَخَرْقِ الْأَمْعَاءِ، أَوْ) خَرْقِ (أُمِّ الدِّمَاغِ وَضَرَبَ الثَّانِي عُنُقَهُ فَالْقَاتِلُ الثَّانِي) لِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا جُرِحَ وَسُقِيَ لَبَنًا فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ عَلِمَ أَنَّهُ مَيِّتٌ وَعَهِدَ لِلنَّاسِ وَجَعَلَ الْخِلَافَةَ فِي أَهْلِ الشُّورَى فَقَبِلَ الصَّحَابَةُ عَهْدَهُ وَعَمِلُوا بِهِ.
(وَإِنْ رَمَاهُ) الْأَوَّلُ مِنْ شَاهِقٍ يَجُوزُ أَنْ يَسْلَمَ مِنْهُ لِقُرْبِهِ (أَوْ لَا) يَجُوزُ أَنْ يَسْلَمَ مِنْهُ لِعُلُوِّهِ (وَتَلَقَّاهُ آخَرُ بِسَيْفٍ فَقَدَّهُ) فَالْقِصَاصُ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ فَوَّتَ حَيَاتَهُ قَبْلَ الْمَصِيرِ إلَى حَالٍ يَيْأَسُ فِيهَا مِنْ حَيَاتِهِ (أَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ قَاتِلٍ فَقَطَعَ عُنُقَهُ آخَرُ قَبْلَ وُقُوعِ السَّهْمِ بِهِ أَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ صَخْرَةً فَأَطَارَ آخَرُ رَأْسَهُ بِالسَّيْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute