لَيْسَ مَحِلًّا لَهَا (فَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَكُلُّ زَائِلِ الْعَقْلِ بِسَبَبٍ يُعْذَرُ فِيهِ كَالنَّائِمِ وَالْمَغْمِيِّ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِمَا) كَالسَّكْرَانِ كَرْهًا (فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمْ) لِأَنَّ التَّكْلِيفَ مِنْ شُرُوطِهِ وَهُوَ مَعْدُومٌ، وَلِأَنَّهُ لَا قَصْدَ لَهُمْ صَحِيحٌ (فَإِنْ قَالَ) الْجَانِي (قَتَلْتُهُ وَأَنَا صَبِيٌّ وَأَمْكَنَ) ذَلِكَ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ (وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ وَإِنْ قَالَ) الْقَاتِلُ (قَتَلْتُهُ وَأَنَا مَجْنُونٌ فَإِنْ عُرِفَ لَهُ حَالُ جُنُونٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ حَالُ جُنُونٍ (فَقَوْلُ الْوَلِيِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْجُنُونِ.
(وَكَذَلِكَ إنْ عُرِفَ لَهُ حَالُ جُنُونٍ ثُمَّ عُرِفَ زَوَالُهُ قَبْلَ الْقَتْلِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى الْحَالِ الَّتِي عُرِفَ عَلَيْهَا (فَإِنْ ثَبَتَ زَوَالُ عَقْلِهِ فَقَالَ كُنْتُ مَجْنُونًا وَقَالَ الْوَلِيُّ بَلْ) كُنْتَ (سَكْرَان فَقَوْلُ الْقَاتِلِ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السُّكْرِ وَالْأَصْلُ أَيْضًا الْعِصْمَةُ (فَأَمَّا إنْ قَتَلَهُ وَهُوَ عَاقِلٌ ثُمَّ جُنَّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ) الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَ الْجِنَايَةِ عَاقِلًا (سَوَاءٌ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ) أَيْ مِمَّنْ جَنَى عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ (فِي حَالِ جُنُونِهِ هُوَ لَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ حَدُّ زِنَا أَوْ غَيْرُهُ) كَشُرْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ (بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ جُنَّ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ حَالَ جُنُونِهِ) لِأَنَّ رُجُوعَهُ عَنْ ذَلِكَ يَمْنَعُ إقَامَتَهُ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ قُلْت وَمِثْلُهُ حَدُّ الْقَذْفِ.
(وَالسَّكْرَانُ وَشِبْهُهُ) كَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ لَا يُعْذَرُ فِيهِ كَمَنْ يَشْرَبُ الْأَدْوِيَةَ الْمُخَبِّئَةَ (إذَا قَتَلَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ) لِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ حَدَّ الْقَذْفِ وَإِذَا وَجَبَ الْحَدُّ فَالْقِصَاصُ الْمُتَمَحِّضُ حَقَّ آدَمِيٍّ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى أَنْ يَصِيرَ عِصْيَانُهُ سَبَبًا لِإِسْقَاطِ الْعُقُوبَةِ عَنْهُ.
الشَّرْطُ (الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ مَعْصُومًا) لِأَنَّ الْقِصَاصَ إنَّمَا شُرِعَ حِفْظًا لِلدِّمَاءِ الْمَعْصُومَةِ وَزَجْرًا عَنْ إتْلَافِ الْبِنْيَةِ الْمَطْلُوبِ بَقَاؤُهَا وَذَلِكَ مَعْدُومٌ فِي غَيْرِ الْمَعْصُومِ (فَلَا يَجِبُ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَا كَفَّارَةٌ بِقَتْلِ حَرْبِيٍّ) لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (وَلَا مُرْتَدٍّ قَبْلَ تَوْبَةٍ) لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ أَشْبَهَ الْحَرْبِيَّ (لَا) إنْ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ (بَعْدَهَا) أَيْ التَّوْبَةِ (إنْ قُبِلَتْ) تَوْبَتُهُ (ظَاهِرًا) فَيُقْتَلُ قَاتِلُهُ إذَنْ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ (وَلَا) يَجِبُ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَا كَفَّارَةٌ بِقَتْلِ (زَانٍ مُحْصَنٍ وَلَوْ قَبْلَ تَوْبَتِهِ) أَيْ الزَّانِي (عِنْدَ حَاكِمٍ) لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ مُتَحَتِّمٌ قَتْلُهُ فَلَمْ يَضْمَنْ كَالْحَرْبِيِّ.
(وَلَا) يَجِبُ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَا كَفَّارَةٌ بِقَتْلِ مُحَارَبٍ أَيْ قَاطَعِ طَرِيقٍ (تَحَتَّمَ قَتْلُهُ) بِأَنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ أَشْبَهَ الْحَرْبِيَّ (فِي نَفْسٍ) أَيْ لَا قِصَاصَ عَلَى جَانٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي نَفْسٍ (وَلَا) قِصَاصَ فِي الْأَطْرَافِ (بِقَطْعِ طَرَفٍ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّ مَنْ يُؤْخَذُ بِغَيْرِهِ فِي النَّفْسِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ فِيمَا دُونَهَا وَذَلِكَ مُتَنَاوِلٌ لِلزَّانِي الْمُحْصَنِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute