للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَوْبَهُ عَلَى أَحَدِ عَاتِقَيْهِ، فَيَبْدُو أَحَدُ شِقَّيْهِ لَيْسَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، وَالِاحْتِبَاءُ، وَهُوَ أَنْ يَحْتَبِيَ بِهِ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ آخَرُ لَمْ يُكْرَهْ لِأَنَّهَا لِبْسَةُ الْمُحْرِمِ وَفَعَلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ إلَّا أَنْ تَبْدُوَ عَوْرَتُهُ.

(وَ) يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ (تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى كَرَاهَةِ تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ، لِاشْتِمَالِهِ عَلَى تَغْطِيَةِ الْفَمِ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ لَهَا تَحْلِيلٌ وَتَحْرِيمٌ فَشُرِعَ لَهَا كَشْفُ الْوَجْهِ كَالْإِحْرَامِ.

(وَ) يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ (التَّلَثُّمُ عَلَى الْفَمِ وَالْأَنْفِ) .

رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَلَفُّ الْكُمِّ بِلَا سَبَبٍ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلَا أَكُفُّ شَعْرًا وَلَا ثَوْبًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: وَتَشْمِيرُ.

(وَ) يُكْرَهُ (شَدُّ الْوَسَطِ) بِفَتْحِ السِّينِ (بِمَا يُشْبِهُ شَدَّ الزُّنَّارِ) بِضَمِّ أَوَّلهِ لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَلَوْ) كَانَ شَدُّ الْوَسَطِ بِمَا يُشْبِهُ شَدَّ الزُّنَّارِ (فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، لِأَنَّهُ يُكْرَهُ التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ كُلَّ وَقْتٍ) لِمَا تَقَدَّمَ.

(قَالَ الشَّيْخُ التَّشَبُّهُ بِهِمْ) أَيْ: الْكُفَّارِ (مَنْهِيٌّ عَنْهُ) (إجْمَاعًا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَقَالَ وَلَمَّا صَارَتْ الْعِمَامَةُ الصَّفْرَاءُ أَوْ الزَّرْقَاءُ مِنْ شِعَارِهِمْ حَرُمَ لُبْسُهَا) اهـ.

(وَيُكْرَهُ شَدُّ وَسَطِهِ عَلَى الْقَمِيصِ لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ الْيَهُودِ) نَقَلَهُ حَرْبٌ وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْإِنْصَافِ: لَا يُكْرَهُ (وَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ: بِشَدِّ الْوَسَطِ بِمِئْزَرٍ أَوْ حَبْلٍ أَوْ نَحْوِهِ، مِمَّا لَا يُشْبِهُ الزُّنَّارَ (عَلَى الْقَبَاءِ) لِأَنَّهُ مِنْ عَادَةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَهُ الْقَاضِي وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ لَا بَأْسَ بِشَدِّ الْقَبَاءِ فِي السَّفَرِ عَلَى غَيْرِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ.

قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَ (قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُكْرَهُ الشَّدُّ بِالْحِيَاصَةِ) وَهُوَ رِوَايَةٌ حَكَاهَا فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ: أَنَّ الْمُقَدَّمَ لَا يُكْرَهُ (وَيُسْتَحَبُّ) شَدُّ الْوَسَطِ (بِمَا لَا يُشْبِهُ الزُّنَّارَ) وَفَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ، لِلْخَبَرِ (كَمِنْدِيلٍ وَمِنْطَقَةٍ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لِلْعَوْرَةِ) قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ إلَّا أَنْ يَشُدَّهُ لِعَمَلِ الدُّنْيَا، فَيُكْرَهُ.

(وَيُكْرَهُ لِامْرَأَةٍ شَدُّ وَسَطِهَا فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ بِغَيْرِ مَا يُشْبِهُ الزُّنَّارَ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَبِينُ بِهِ حَجْمُ عَجِيزَتِهَا وَتَقَاطِيعُ بَدَنِهَا وَالْمَطْلُوبُ سَتْرُ ذَلِكَ.

وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهَا شَدُّ وَسَطِهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ بِمَا لَا يُشْبِهُ شَدَّ الزُّنَّارِ قَالَ فِي حَاشِيَةِ التَّنْقِيحِ: لِأَنَّ شَدَّ الْمَرْأَةِ وَسَطَهَا مَعْهُودٌ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَبْلَهُ كَمَا صَحَّ أَنَّ هَاجَرَ أُمَّ إسْمَاعِيلَ اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا وَكَانَ لِأَسْمَاءِ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>