«لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ يَسْتَغْنِي بِشُهْرَتِهِ وَقَبُولِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ عَنْ الْإِسْنَادِ حَتَّى يَكُونَ الْإِسْنَادُ فِي مِثْلِهِ مَعَ شُهْرَتِهِ تَكَلُّفًا وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» فَمُقْتَضَى هَذِهِ الْإِضَافَةِ تَمْكِينُهُ إيَّاهُ، فَإِذَا لَمْ تَثْبُتُ حَقِيقَةُ الْمِلْكِيَّةِ ثَبَتَتْ فِي إسْقَاطِ الْقِصَاصِ، وَلِأَنَّهُ كَانَ سَبَبًا فِي إيجَادِهِ، فَلَا يَكُونُ سَبَبًا فِي إعْدَامِهِ (وَتُؤْخَذُ مِنْ حُرٍّ الدِّيَةُ) أَيْ دِيَةُ الْمَقْتُولِ، كَمَا تَجِبُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِعُمُومِ أَدِلَّتِهَا (وَلَا تَأْثِيرَ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ، وَ) لِاخْتِلَافِ (الْحُرِّيَّةِ) فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ كَافِرًا أَوْ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا وَالْآخَرُ حُرًّا فَلَا قِصَاصَ (كَاتِّفَاقِهِمَا فَلَوْ قَتَلَ الْكَافِرُ وَلَدَهُ الْمُسْلِمَ، أَوْ) قَتَلَ (الْعَبْدُ وَلَدَهُ الْحُرَّ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ لِشَرَفِ الْأُبُوَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُهُ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ زِنَا قُتِلَ الْوَالِدُ بِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدِهِ حَقِيقَةً.
(وَلَوْ تَدَاعَى نَفْسَانِ نَسَبَ صَغِيرٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ ثُمَّ قَتَلَاهُ قَبْلَ إلْحَاقِهِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ ابْنَهُمَا (وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ قَتَلَاهُ، لَمْ يُقْتَلُ أَبُوهُ) لِمَا سَبَقَ (وَقُتِلَ الْآخَرُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَبٍ (وَإِنْ رَجَعَا عَنْ الدَّعْوَى لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُمَا عَنْ إقْرَارِهِمَا كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ وَاحِدٌ فَأُلْحِقَ بِهِ ثُمَّ جَحَدَهُ) فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ جُحُودُهُ، لِأَنَّ النَّسَبَ حَقٌّ لِلْوَلَدِ فَرُجُوعِهِ عَنْهُ رُجُوعٌ إقْرَارٍ بِحَقٍّ لِآدَمِيٍّ (وَإِنَّ رَجَعَ أَحَدُهُمَا) عَنْ دَعْوَاهُ (صَحَّ رُجُوعُهُ وَثَبَتَ نَسَبُهُ) مِنْ الْآخَرِ (لِزَوَالِ الْمُعَارِضِ وَرُجُوعُهُ) لَا يُسْقِطُ نَسَبَهُ (وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْ الَّذِي لَمْ يَرْجِعْ) أَنَّهُ أَبٌ (وَيَجِبُ) الْقِصَاصُ عَلَى الرَّاجِعِ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ (وَإِنْ عَفَا عَنْهُ) مَنْ وَرِثَ الْمَقْتُولَ (فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةُ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَرِيكِ الْأَبِ.
(وَلَوْ اشْتَرَكَ رَجُلَانِ فِي وَطْءِ امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا) بِأَنْ كَانَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْئِهِمَا (فَقَتَلَاهُ قَبْلَ إلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمَا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ (وَإِنْ نَفَيَا نَسَبَهُ لَمْ يَنْتِفْ) لِأَنَّ النَّسَبَ حَقٌّ لِلْوَلَدِ (إلَّا بِاللِّعَانِ) بِشُرُوطِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ زَوْجَيْنِ وَأَنْ يَتَقَدَّمَهُ قَذْفٌ وَإِنْ نَفَاهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَنْتَفِ لِقَوْلِهِ، لِأَنَّهُ لَحِقَهُ بِالْفِرَاشِ فَلَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا، لِأَنَّ أَحَدَهُمَا إذَا رَجَعَ هُنَاكَ لَحَقَ الْآخَرَ وَأَيْضًا ثُبُوتُهُ هُنَاكَ بِالِاعْتِرَافِ فَيَسْقُطُ بِالْجَحْدِ وَهَهُنَا بِالِاشْتِرَاكِ فَلَا يَنْتَفِي بِالْجَحْدِ.
(وَيُقْتَلُ الْوَلَدُ) الْمُكَلَّفُ ذَكَرًا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute