مِنْ الصُّوَرِ (فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ) لِقَوْلِ عُمَرَ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَرُوِيَ عَنْ الزُّبَيْرِ نَحْوُهُ، وَلِأَنَّ الْخَصْمَ اعْتَرَفَ بِمَا يُبِيحُ قَتْلَهُ فَسَقَطَ حَقُّهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ قِصَاصًا.
(وَإِنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ أَنَّ الْمَقْتُولَ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ لَمْ تَقْبَلْ دَعْوَاهُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ (وَإِنْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِإِحْصَانِهِ قُبِلَ) بِخِلَافِ الزِّنَا فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَرْبَعَةٍ كَمَا يَأْتِي.
(وَإِنْ اخْتَصَمَ قَوْمٌ بِدَارٍ فَجَرَحَ) بَعْضُهُمْ بَعْضًا (وَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَجُهِلَ الْحَالُ) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ وَلَا الْجَارِحُ (فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمَجْرُوحِينَ دِيَةُ الْقَتْلَى يَسْقُطُ مِنْهَا أَرْشُ الْجِرَاحِ) قَضَى بِهِ عَلِيٌّ رَوَاهُ أَحْمَدُ (فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ) أَيْ الْمُخْتَصِمِينَ مَنْ لَيْسَ بِهِ جُرْحٌ شَارَكَ الْمَجْرُوحِينَ فِي دِيَةِ الْقَتْلِ، هَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا ابْنُ حَمْدَانَ، قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ فِي التَّصْحِيحِ الْكَبِيرِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا دِيَةَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.
(وَيَأْتِي فِي الْقِسَامَةِ: إذَا قَالَ إنْسَانٌ: مَا قَتَلَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ أَنَا قَتَلْتُهُ، وَلَهُ قَتَلَ مَنْ وَجَدَهُ يَفْجُرُ بِأَهْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: لَا فَرُقَ بَيْنَ كَوْنِهِ) أَيْ الْفَاجِرِ (مُحْصِنًا أَوْ غَيْرِهِ) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ (وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْحُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَدٍّ وَإِنَّمَا هُوَ عُقُوبَةٌ عَلَى فِعْلِهِ وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ شُرُوطُ الْحَدِّ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَهُ قَتْلُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كَانَ الزَّانِي مُحْصَنًا، وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ فِي اعْتِبَارِ إحْصَانِهِ (وَالْحُرُّ الْمُسْلِمُ يُقَدْ بِهِ قَاتِلُهُ) عُدْوَانًا (وَإِنْ كَانَ مُجْدَعَ الْأَطْرَافِ) أَيْ مَقْطُوعَهَا (مَعْدُومَ الْحَوَاسِّ) مِنْ سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَشْمٍ وَذَوْقٍ وَلَمْسٍ (وَالْقَاتِلُ صَحِيحٌ سَوِيُّ الْخَلْقِ وَبِالْعَكْسِ) بِأَنْ كَانَ الْقَاتِلُ مُجْدَعَ الْأَطْرَافِ مَعْدُومَ الْحَوَاسِّ وَالْمَقْتُولُ صَحِيحٌ سَوِيُّ الْخَلْقِ.
(وَكَذَلِكَ إنْ تَفَاوَتَا فِي الْعِلْمِ وَالشَّرَفِ وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ وَالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ وَالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَالْحِذْقِ وَالْبَلَادَةِ إجْمَاعًا حَكَاهُ فِي الشَّرْحِ لِعُمُومِ الْآيَاتِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» (وَيَجْرِي فِي الْقِصَاصِ بَيْنَ الْوُلَاةِ) جَمْعُ وَالٍ، وَيَتَنَاوَلُ الْإِمَامَ وَالْقَاضِيَ وَالْأَمِيرَ (وَالْعُمَّالَ) عَلَى الصَّدَقَاتِ أَوْ الْخَرَاجِ أَوْ غَيْرِهِمَا (وَبَيْنَ رَعِيَّتِهِمْ) قَالَ فِي الشَّرْحِ: لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا لِعُمُومِ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ (وَلَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ كَوْنُ الْقَتْلِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) فَيُقْتَلُ مُكَافِئُهُ بِشُرُوطِهِ، وَإِنْ كَانَ بِدَارِ حَرْبٍ سَوَاءٌ كَانَ هَاجَرَ أَوْ لَمْ يُهَاجِرْ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ.
(وَقَتْلُ الْغِيلَةِ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ الْقَتْلُ عَلَى غُرَّةٍ وَغَيْرُهُ أَيْ غَيْرُ قَتْلِ الْغِيلَةِ سَوَاءٌ فِي (الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ (وَذَلِكَ) أَيْ الْقِصَاصُ وَالْعَفْوُ فِي قَتْلِ الْغِيلَةِ وَغَيْرِهِ (لِلْوَلِيِّ) الْوَارِثِ لِلْمَقْتُولِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ (دُونَ السُّلْطَانِ) فَلَيْسَ لَهُ قِصَاصٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute