أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ لَهُمَا وَدِيعَةٌ عِنْدَ شَخْصٍ فَأَتْلَفَاهَا (أَوْ اقْتَصَّا مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دِيَتَهُ بِالْعَبْدِ سَقَطَ حَقُّهُمَا) وَجْهًا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ دَيْنِهِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَلَمْ يَكُنْ إلَّا سُقُوطُهُ.
الشَّرْطُ (الثَّانِي اتِّفَاقُ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهُ) أَيْ: الْقِصَاصِ (عَلَى اسْتِيفَائِهِ) لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ حَقٌّ مُشْتَرَكٌ لَا يُمْكِنُ تَبْعِيضُهُ فَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ (وَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ اسْتِيفَاؤُهُ دُونَ بَعْضٍ) لِأَنَّهُ يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ الدَّيْنَ (فَإِنْ فَعَلَ) بِأَنْ اسْتَوْفَى أَحَدُهُمْ الْقِصَاصَ بِدُونِ إذْنِ الْبَاقِي (فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسًا يَسْتَحِقُّ بَعْضَهَا فَلَمْ يَجِبْ قَتْلُهُ بِهَا، لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تُؤْخَذُ بِبَعْضِ نَفْسٍ، وَلِأَنَّهُ مُشَارِكٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْقَتْلِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَوَدٌ كَالشَّرِيكِ فِي الْجَارِيَةِ إذَا وَطِئَهَا وَيُفَارِقُ مَا إذَا قَتَلَ الْجَمَاعَةُ وَاحِدًا فَإِنَّا لَمْ نُوجِبْ الْقِصَاصَ بِقَتْلِ بَعْضِ النَّفْسِ (وَلِشُرَكَائِهِ فِي تَرِكَةِ الْجَانَّيْ حَقُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ) لِأَنَّ حَقَّهُمْ مِنْ الْقِصَاصِ سَقَطَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ مَاتَ الْقَاتِلُ (وَتَرْجِعُ وَرَثَةُ الْجَانِي عَلَى الْمُقْتَصِّ بِمَا فَوْقَ حَقِّهِ) مِنْ الدِّيَةِ.
(فَلَوْ كَانَ الْجَانِي أَقَلَّ دِيَةً مِنْ قَاتِلِهِ مِثْلُ امْرَأَةٍ قَتَلَتْ رَجُلًا لَهُ ابْنَانِ قَتَلَهَا أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ) الِابْنِ (الْآخَرِ فَلِلْآخَرِ نِصْفُ دِيَةِ أَبِيهِ فِي تَرِكَةِ الْمَرْأَةِ) الَّتِي قَتَلَتْهُ كَمَا لَوْ مَاتَتْ (وَتَرْجِعُ وَرَثَتُهَا بِنِصْفِ دِيَتِهَا عَلَى قَاتِلِهَا) لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ سِوَى نِصْفِ دَمِهَا وَقَدْ اسْتَوْفَاهُ (وَهُوَ) أَيْ: نِصْفُ دِيَةِ الْمَرْأَةِ (رُبْعُ دِيَةِ الرَّجُلِ) لِأَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ كَمَا يَأْتِي (وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ) أَيْ: الْوَرَثَةُ عَنْ الْقِصَاصِ (وَكَانَ مِمَّنْ يَصِحُّ عَفَوْهُ) بِأَنْ كَانَ مُكَلَّفًا (وَلَوْ) كَانَ الْعَفْوُ (إلَى الدِّيَةِ سَقَطَ الْقِصَاصُ) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ لِأَنَّ الْقِصَاصُ حَقٌّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَرَثَةِ لَا يَتَبَعَّضُ مَبْنَاهُ عَلَى الدَّرْءِ وَالْإِسْقَاطِ فَإِذَا أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ حَقَّهُ سَرَى إلَى الْبَاقِي كَالْعِتْقِ (وَإِنْ كَانَ الْعَافِي) عَلَى الْقِصَاصِ (زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً) لِقَوْلِ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ: " إنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَتَلَ قَتِيلًا فَجَاءَ وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ لِيَقْتُلُوهُ فَقَالَتْ امْرَأَةُ الْمَقْتُولِ وَهِيَ أُخْتُ الْقَاتِلِ: عَفَوْتُ عَنْ حَقِّي فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُ أَكْبَرُ عَتَقَ الْقَتِيلُ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد لِأَنَّ مَنْ وَرِثَ الْمَالَ وَرِثَ الْقَوَدَ كَمَا يَأْتِي.
(وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ (وَلَوْ مَعَ فِسْقِهِ بِعَفْوِ بَعْضِهِمْ) فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّ الْجَمِيعِ مِنْ الْقِصَاصِ لِكَوْنِ شَهَادَتِهِ إقْرَارًا بِأَنَّ نَصِيبَهُ مِنْ الْقِصَاصِ سَقَطَ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ (وَلِلْبَاقِي) الَّذِينَ لَمْ يَعْفُوا (حَقُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى الْجَانِي) سَوَاءٌ عَفَا مُطْلَقًا أَوْ إلَى الدِّيَةِ لِأَنَّ حَقَّهُ مِنْ الْقِصَاصِ سَقَطَ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَثَبَتَ لَهُ الْبَدَلُ كَمَا لَوْ وَرِثَ بَعْضَ دَمِهِ أَوْ مَاتَ (فَإِنْ قَتَلَهُ الْبَاقُونَ عَالِمِينَ بِالْعَفْوِ وَ) عَالِمِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute