الْوَلِيُّ (الْقَوَدَ أَوْ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ فَقَطْ فَلَهُ أَخْذُهَا) أَيْ الدِّيَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لَهُ وَلِلْجَانِي، وَتَكُونُ بَدَلًا عَنْ الْقِصَاصِ وَلَيْسَتْ الَّتِي وَجَبَتْ بِالْقَتْلِ (وَلَوْ سَخَطَ الْجَانِي) لِأَنَّ الدِّيَةَ دُونَ الْقِصَاصِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَيْهَا لِأَنَّهَا أَقَلُّ مِنْ حَقِّهِ (وَلَهُ) أَيْ لِمَنْ وَجَبَ لَهُ الْقِصَاصُ (الصُّلْحُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا) أَيْ الدِّيَةِ (وَتَقَدَّمَ فِي الصُّلْحِ) مُوَضَّحًا (وَمَتَى اخْتَارَ) الْوَلِيُّ (الدِّيَةَ تَعَيَّنَتْ وَسَقَطَ الْقَوَدُ) قَالَ أَحْمَدُ: إذَا أَخَذَ الدِّيَةَ فَقَدْ عَفَا عَنْ الدَّمِ (وَلَا يَمْلِكُ طَلَبَهُ) أَيْ الْقَوَدِ (بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ اخْتِيَارِ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ إذَا أَسْقَطَ لَا يَعُودُ (فَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ اخْتِيَارِ الدِّيَةِ (قُتِلَ بِهِ) لِأَنَّهُ عَمْدُ عُدْوَانٍ.
(وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِقَوَدٍ وَلَا دِيَةٍ فَلَهُ الدِّيَةُ لِانْصِرَافِ الْعَفْوِ إلَى الْقَوَدِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الِانْتِقَامِ، وَالِانْتِقَامُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْقَتْلِ (أَوْ) عَفَا عَلَى غَيْرِ مَالٍ بِأَنْ عَفَا عَلَى خَمْرٍ وَنَحْوِهِ فَلَهُ الدِّيَةُ (أَوْ) عَفَا (عَلَى الْقَوَدِ مُطْلَقًا) بِأَنْ قَالَ عَفَوْتُ عَنْ الْقَوَدِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَيْءٍ (وَلَوْ) كَانَ الْعَفْوُ (عَنْ يَدِهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ رِجْلِهِ وَنَحْوِهِمَا (فَلَهُ الدِّيَةُ) لِانْصِرَافِ الْعَفْوِ إلَى الْقَوَدِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ قَالَ مُسْتَحِقُّ الْقَوَدِ (لِمَنْ) لَهُ (عَلَيْهِ قَوَدٌ عَفَوْت عَنْ جِنَايَتِكَ أَوْ) عَفَوْتُ، (عَنْكَ بَرِئَ مِنْ الدِّيَةِ كَالْقَوَدِ نَصًّا)) لِأَنَّ عَفْوَهُ عَنْ ذَلِكَ يَتَنَاوَلُهُمَا.
(وَإِذَا جَنَى عَبْدٌ عَلَى حُرٍّ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْقِصَاصِ فَاشْتَرَاهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ سَقَطَ الْقِصَاصُ) لِأَنَّ شِرَاءَهُ بِالْأَرْشِ اخْتِيَارٌ لِلْمَالِ وَلَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَعْرِفَا قَدْرَ الْأَرْشِ فَالثَّمَنُ مَجْهُولٌ وَشَرْطُ الْبَيْعِ مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ (وَإِنْ عَرَفَا عَدَدَ الْإِبِلِ) أَوْ الْبَقَرِ أَوْ الْغَنَمِ (أَوْ أَسْنَانِهَا فَصِفَتُهَا مَجْهُولَةٌ) وَذَلِكَ يُنَافِي صِحَّةَ الْبَيْعِ (فَإِنْ قُدِّرَ الْأَرْشُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَبَاعَهُ بِهِ صَحَّ) الْبَيْعُ لِلْعِلْمِ بِالثَّمَنِ (وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ قَبْلَهُ عَفْوُ وَلِيِّ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَيَصِحُّ عَفْوُ الْمُفْلِسِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ عَنْ الْقِصَاصِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ.
(وَإِنْ أَرَادَ الْمُفْلِسُ الْقِصَاصَ لَمْ يَكُنْ لِغُرَمَائِهِ إجْبَارُهُ عَلَى تَرْكِهِ) لِيَأْخُذَ الدِّيَةَ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ لَهُ (وَإِنْ أَحَبَّ) الْمُفْلِسُ (الْعَفْوَ عَنْهُ إلَى مَالٍ فَلَهُ ذَلِكَ) كَغَيْرِ الْمُفْلِسِ وَ (لَا) يَعْفُو (مَجَّانًا) لِأَنَّ الْمَالَ وَاجِبٌ وَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهُ إذَا قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا صَحَّ عَفْوُهُ عَنْهُ مَجَّانًا لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ إلَّا الْقَوَدُ وَقَدْ أَسْقَطَهُ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ.
وَفِي الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ يَصِحُّ عَفْوُهُ مَجَّانًا لِأَنَّ الدِّيَةَ لَمْ تَتَعَيَّنْ، وَقَالَهُ فِي الْمُغْنِي (وَكَذَا) أَيْ كَالْمُفْلِسِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ عَلَى مَالٍ أَوْ مَجَّانًا (السَّفِيهُ وَوَارِثُ الْمُفْلِسِ وَالْمُكَاتَبُ وَكَذَا الْمَرِيضُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْعَفْوِ مِنْ هَؤُلَاءِ مَجَّانًا، لِأَنَّ الدِّيَةَ لَمْ تَتَعَيَّنْ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute