يَضَعُوا حَدِيدَةً عَلَى يَدِهِ وَيَتَحَامَلُوا عَلَيْهَا جَمِيعًا حَتَّى تَبِينَ أَيْ تَنْفَصِلَ الْيَدُ (أَوْ يَشْهَدُوا بِمَا يُوجِبُ قَطْعَهُ) كَسَرِقَةٍ (فَيُقْطَعُ ثُمَّ يَرْجِعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ، أَوْ يُكْرِهُوا إنْسَانًا عَلَى قَطْعِ طَرَفٍ) فَيَقْطَعَهُ (فَيَجِبُ قَطْعُ الْمُكْرِهِينَ وَالْمُكْرَهِ) كَمَا يُقْتَلُونَ بِالنَّفْسِ (أَوْ يُلْقُوا صَخْرَةً عَلَى طَرَفِ إنْسَانٍ فَتَقْطَعَهُ) الصَّخْرَةُ (أَوْ يَمُدَّهَا) أَيْ الْيَدَ وَنَحْوَهَا (فَتَبِينُ) بِالْمَدِّ (وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ مَا ذُكِرَ كَمَا لَوْ أَلْقَمُوهَا لِسَبْعٍ أَوْ نَحْوِهِ فَعَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ الْقِصَاصُ، لِقَوْلِ عَلِيٍّ لِلشَّاهِدَيْنِ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُكُمَا " فَأَخْبَرَ أَنَّ الْقِصَاصَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَوْ تَعَمَّدَ، أَوْ لِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيْ الْقِصَاصِ فَتُؤْخَذُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ كَالنَّفْسِ.
وَفِي الِانْتِصَارِ لَوْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَقْطَعُ يَدًا حَنِثَ بِذَلِكَ، وَعَنْهُ لَا قَوَدَ لِأَنَّهُ لَا تَسَاوِيَ بَيْنَ طَرَفٍ وَأَطْرَافٍ.
وَفِي الرِّعَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ: وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ دِيَةُ الطَّرَفِ وَالْجُرْحِ كَمَا لَوْ قَطَعَ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْ جَانِبٍ أَوْ فِي وَقْتٍ قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَشْتَرِكُوا فِي دِيَتِهِ اهـ.
قُلْتُ هُنَا الِاحْتِمَالُ هُوَ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي النَّفْسِ (وَإِنْ تَفَرَّقَتْ أَفْعَالُهُمْ) أَيْ الْقَاطِعِينَ فَقَطَعَ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْ جَانِبٍ أَوْ قَطَعَ أَحَدُهُمْ بَعْضَ الْمِفْصَلِ وَأَتَمَّهُ غَيْرُهُ بِأَنْ قَطَعَ الْبَاقِي أَوْ ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حَدِيدَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وُضِعَتْ عَلَى الْيَدِ أَوْ نَحْوِهَا (ضَرْبَةً حَتَّى) انْفَصَلَتْ (أَوْ وَضَعُوا مِنْشَارًا عَلَى مِفْصَلٍ ثُمَّ مَدَّهُ كُلُّ وَاحِدٍ مَرَّةً حَتَّى بَانَتْ الْيَدُ) أَوْ نَحْوُهَا (فَلَا قِصَاصَ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَمْ يَقْطَعْ الْيَدَ وَلَمْ يُشَارِكْ فِي قَطْعِ جَمِيعِهَا (وَسِرَايَةُ الْجِنَايَةِ) مَضْمُونَةٌ (كَهِيَ) أَيْ الْجِنَايَةِ (فِي الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ فِي النَّفْسِ وَدُونَهَا) لِأَنَّ السِّرَايَةَ أَثَرُ الْجِنَايَةِ وَالْجِنَايَةُ مَضْمُونَةٌ فَكَذَا أَثَرُهَا (حَتَّى لَوْ انْدَمَلَ الْجُرْحُ فَاقْتَصَّ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (ثُمَّ انْتَقَضَ) الْجُرْحُ (فَسَرَى) كَانَتْ سِرَايَتُهُ مَضْمُونَةً، لِأَنَّهُ إعْرَاضٌ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، لِاعْتِمَادِهِ عَلَى الظَّاهِرِ.
(فَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَتَآكَلَتْ أُخْرَى إلَى جَانِبِهَا وَسَقَطَ مِنْ مِفْصَلٍ) وَجَبَ الْقِصَاصُ (أَوْ) قَطَعَ أُصْبُعًا فَ (تَآكَلَتْ الْيَدُ وَسَقَطَتْ مِنْ الْكُوعِ) أَوْ الْمِرْفَقِ (وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي ذَلِكَ) لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِيهِ الْقَوَدُ بِالْجِنَايَةِ وَجَبَ بِالسِّرَايَةِ كَالنَّفْسِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ رَمَى سَهْمًا إلَى شَخْصٍ فَمَرَقَ مِنْهُ إلَى آخَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ فِعْلٌ وَلَيْسَ بِسِرَايَةٍ،.
وَلَوْ قَصَدَ قَطْعَ إبْهَامِهِ فَقَطَعَ سَبَّابَتَهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ (وَإِنْ شَلَّ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَقِيلَ بِضَمِّهَا أَيْ فَسَدَ الْعُضْوُ وَذَهَبَتْ حَرَكَتُهُ بِالسِّرَايَةِ (فَفِيهِ دِيَتُهُ دُونَ الْقِصَاصِ) لِعَدَمِ إمْكَانِ الْقِصَاصِ فِي الشَّلَلِ فَيُضْمَنُ بِمَا يُضْمَنُ بِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ قَطْعٌ (وَسِرَايَةُ الْقَوَدِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ) لِمَا رَوَى سَعِيدٌ أَنَّ عُمَرَ وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَا: مَنْ مَاتَ مِنْ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute