(وَ) دُونَ مَنْ (أَمْسَكَ الْخَشَبَ كَمَنْ وَضَعَ سَهْمًا فِي قَوْسِ إنْسَانٍ وَرَمَاهُ صَاحِبُ الْقَوْسِ فَالضَّمَان عَلَى الرَّامِي دُونَ الْوَاضِعِ) اعْتِبَارًا بِالْمُبَاشَرَةِ.
(وَمَنْ جَنَى عَلَى نَفْسِهِ أَوْ) جَنَى عَلَى (طَرَفِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَ) لَا مِنْ (غَيْرِهِ) بَلْ هُوَ هَدْرٌ وَلِأَنَّ عَامِرَ بْنَ الْأَكْوَعِ رَجَعَ سَيْفُهُ عَلَيْهِ يَوْمَ خَيْبَرَ فَمَاتَ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ وُدِيَ وَلَوْ وَجَبَتْ لَبَيَّنَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَنُقِلَ ظَاهِرًا وَعَنْهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي الْخَطَأِ دِيَةُ نَفْسِهِ أَوْ طَرَفِهِ لِقَوْلِ عُمَرَ.
(وَإِنْ نَزَلَ رَجُلٌ بِئْرًا فَخَرَّ عَلَيْهِ آخَرُ فَمَاتَ الْأَوَّلُ مِنْ سَقْطَتِهِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ الثَّانِي (دِيَتُهُ) أَيْ الْأَوَّل لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ سَقْطَتِهِ فَيَكُونُ هُوَ قَاتِلُهُ فَوَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ بِالْقَتْلِ خَطَأً (وَإِنْ كَانَ) الثَّانِي رَمَى بِنَفْسِهِ عَلَيْهِ (عَمْدًا وَهُوَ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ) لِأَنَّهُ قَصَدَ جِنَايَةً تَقْتُلُ غَالِبًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا (فَشِبْهُ عَمْدٍ) لِأَنَّهُ قَصَدَ جِنَايَةً لَا تَقْتُلُ غَالِبًا (وَإِنْ وَقَعَ) الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ (خَطَأ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ مُخَفَّفَةٌ) كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْخَطَأِ (وَإِنْ مَاتَ الثَّانِي بِسُقُوطِهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَدَمُهُ هَدْرٌ) لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِ وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ اللَّخْمِيُّ " أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَقُودُ أَعْمَى فَوَقَعَا فِي بِئْرٍ وَوَقَعَ الْأَعْمَى فَوْقَ الْبَصِيرِ فَقَتَلَهُ فَقَضَى عُمَرُ بِعَقْلِ الْبَصِيرِ عَلَى الْأَعْمَى فَكَانَ الْأَعْمَى يُنْشِدُ فِي الْمَوْسِمِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ رَأَيْتُ مُنْكَرًا ... هَلْ يَعْقِلُ الْأَعْمَى الصَّحِيحَ الْمُبْصِرَا
خَرَّا مَعًا كِلَاهُمَا تَكَسَّرَا
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَشُرَيْحٍ وَالنَّخَعِيّ وَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ.
وَلَوْ فَعَلَهُ الْبَصِيرُ قَصْدًا لَمْ يَضْمَنْهُ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْأَعْمَى (وَإِنْ سَقَطَ) عَلَيْهِمَا (ثَالِثٌ فَمَاتَ الثَّانِي) مِنْ سَقْطَتِهِ (فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُ) لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِهِ (وَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ مِنْ سَقْطَتِهِمَا) أَيْ الثَّانِي وَالثَّالِث (فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا) لِمَوْتِهِ بِفِعْلِهِمَا وَدِيَةُ الثَّانِي عَلَى الثَّالِث لِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِالْوُقُوعِ عَلَيْهِ (وَدَمُ الثَّالِثِ هَدْرٌ) لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ (هَذَا) الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ (إذَا كَانَ الْوُقُوعُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ) أَيْ قَتَلَ مَنْ مَاتَ مِمَّنْ ذُكِرَ (فَإِنْ كَانَ الْبِئْرُ عَمِيقًا) يَمُوتُ الْوَاقِعُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِهِ فِيهِ (لَمْ يَجِبْ ضَمَانٌ عَلَى أَحَدٍ) لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لِأَحَدِهِمْ فِي قَتْلِ غَيْرِهِ (وَإِنْ احْتَمَلَ) الْحَالُ (أَمْرَيْنِ) بِأَنْ كَانَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَوْت بِمُجَرَّدِ الْوُقُوعِ أَوْ بِسُقُوطِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ (فَكَذَلِكَ) لَا ضَمَانَ لِعَدَمِ تَحْقِيقِ مُوجِبِهِ وَالْأَصْلُ الْبَرَاءَةُ.
(وَإِنْ جَذَبَ الْأَوَّلُ الثَّانِي وَجَذَبَ الثَّانِي الثَّالِثَ وَمَاتُوا فَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّالِثِ) لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ (وَدِيَتُهُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute