الْمُبَالَغَةِ (وَهِيَ) شَرْعًا (أَيْمَانٌ مُكَرَّرَةٌ فِي دَعْوَى قَتْلِ مَعْصُومُ) قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِف أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِالْقَسَامَةِ فِي الْجَاهِلِيَّة الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فَأَقَرَّهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْإِسْلَامِ اهـ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْأَنْصَارِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّ الْقَسَامَةَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ (وَلَا تَثْبُتُ) الْقَسَامَةُ (إلَّا بِشُرُوطٍ) أَرْبَعَةٍ بَلْ عَشَرَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي:
(أَحَدُهَا دَعْوَى الْقَتْلِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ) لِأَنَّ كُلَّ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ لَا يَثْبُتُ لِشَخْصٍ إلَّا بَعْدَ دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَهُ وَالْقَتْلُ مِنْ الْحُقُوقِ (عَلَى وَاحِدٍ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَيَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ» وَلِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ ضَعِيفَة خُولِفَ بِهَا الْأَصْلُ لِدَلِيلٍ فِي الْوَاحِدِ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ وَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ مَا عَدَاهُ (مُعَيَّنٍ) لِأَنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ عَلَى الْمُبْهَمِ (مُكَلَّفٍ) لِتَصِحَّ الدَّعْوَى (ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ مُلْتَزِمٍ) لِأَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ كَالذِّمِّيِّ لِعُمُومِ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ " وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ (ذَكَرًا كَانَ الْمَقْتُول أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا) لِأَنَّهُ قَتْلُ آدَمِيٍّ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فَشُرِعَتْ الْقَسَامَةُ فِيهِ كَالْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَلِأَنَّ مَا كَانَ حُجَّةً فِي قَتْلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ كَانَ حُجَّةً فِي قَتْلِ الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ (وَيُقْسِمُ عَلَى الْعَبْدِ) الْمَقْتُولِ (سَيِّدُهُ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ وَارِثه (وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ) قَبْلَ وُجُودِهَا (كَالْقِنِّ) لِيُقْسِمَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ.
قُلْتُ وَالْمُبَعَّض يُقْسِم عَلَيْهِ وَارِثُهُ وَسَيِّدُهُ بِحَسَبِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ (فَإِنْ قُتِلَ عَبْدًا لِمُكَاتِبٍ فَلِلْمُكَاتِبِ أَنْ يُقْسِمَ عَلَى الْجَانِي) بِشُرُوطِهِ لِأَنَّهُ سَيِّدُ الْمَقْتُولِ (وَإِنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ عَنْ أَدَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (قَبْلَ أَنْ يُقْسِمَ) الْجَانِي (فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُقْسِمَ) عَلَيْهِ لِعَوْدِهِ إلَيْهِ هُوَ وَمَا كَانَ بِيَدِهِ (وَلَوْ اشْتَرَى) الْعَبْدُ (الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَة عَبْدًا أَوْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ عَبْدًا فَقُتِلَ فَالْقَسَامَةُ لِسَيِّدِهِ) لِأَنَّهُ الْمَالِكُ (دُونَهُ) أَيْ الْمَأْذُونُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَلَوْ مَلَكَ (وَلَا قَسَامَةَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ الْجِرَاحِ وَالْأَطْرَافِ وَالْمَالِ غَيْرَ الْعَبْدِ) لِأَنَّ الْقَسَامَةَ ثَبَتَتْ فِي النَّفْسِ لِحُرْمَتِهَا فَاخْتَصَّتْ بِهَا كَالْكَفَّارَةِ (وَالدَّعْوَى فِيهَا كَ) الدَّعْوَى فِي (سَائِرِ الْحُقُوقِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ يَمِينًا وَاحِدَةً) لِأَنَّهَا دَعْوَى لَا قَسَامَةَ فِيهَا فَلَا تُغَلَّظُ بِالْعَدَدِ.
(وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْقَتْلَ مِنْ غَيْرِ وُجُودِ قَتِيلٍ وَلَا عَدَاوَةَ) فَالْبَيِّنَة عَلَيْهِ وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ يَمِينًا وَاحِدَةً لِعُمُومِ الْخَبَرِ (وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute