يَجُوز لِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى الْقَاتِلِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ أَنَّهُ قَتَلَهُ وَإِنْ كَانُوا غَائِبِينَ عَنْ مَكَانِ الْقَتْلِ لِأَنَّ) النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْأَنْصَارِ «تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» وَكَانُوا بِالْمَدِينَةِ وَالْقَتِيلُ بِخَيْبَرَ وَلِأَنَّ (لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ كَمَا أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مِنْ إنْسَانِ شَيْئًا فَجَاءَ آخَرُ يَدَّعِيهِ جَازَ) لِلْمُشْتَرِي (أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (لَا يَسْتَحِقُّهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِلْكٌ الَّذِي بَاعَهُ) لَهُ.
(وَكَذَلِكَ) فِي الْحَلِفِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ (إذَا وَجَدَ شَيْئًا بِخَطِّهِ أَوْ بِخَطِّ أَبِيهِ فِي دَفْتَرِهِ جَازَ أَنْ يَحْلِفَ) إذَا عُلِمَ مِنْهُ الصِّدْقُ وَالْأَمَانَةُ وَإِنَّهُ لَا يَكْتُبُ إلَّا حَقًّا (وَكَذَلِكَ) فِي الْحَلِفِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ (إذَا بَاعَ شَيْئًا لَمْ يَعْلَمْ فِيهِ عَيْبًا فَادَّعَى عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَعِيبٌ وَأَرَادَ رَدّه كَانَ لَهُ) أَيْ الْبَائِعُ (أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ بَاعَهُ بَلْ يَأْمَنُ الْعَيْبَ) عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَقْبَل قَوْلَ الْبَائِعِ وَالْمَذْهَبُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ (وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي) لِلْقَتْلِ (إلَّا بَعْدَ الِاسْتِثْبَاتِ وَغَلَبَةِ ظَنٍّ تُقَارِبُ الْيَقِينَ) وَلِذَلِكَ لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ وَاتُّهِمَتْ الْيَهُودُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ لِقَاتِلِكُمْ قَالُوا كَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ» .
(وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَعِظَهُمْ) وَيَقُولُ لَهُمْ اتَّقُوا اللَّهَ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ {الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: ٧٧] الْآيَةَ (وَيُعَرِّفهُمْ مَا فِي الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ) مِنْ الْإِثْمِ وَإِنَّهَا تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ (وَيَدْخُلُ فِي اللَّوْث لَوْ حَصَلَ عَدَاوَةٌ بَيْن سَيِّدِ عَبْدٍ) وَغَيْرِهِ فَقَتَلَ الْعَبْدَ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُقْسِمَ عَلَى عَدُوِّهِ (وَ) يَدْخُلُ فِيهَا اللَّوْثُ أَيْضًا لَوْ حَصَلَتْ الْعَدَاوَةُ بَيْنَ (عَصَبَتِهِ) وَغَيْرِهِمْ وَقُتِلَ فَلِعَصَبَتِهِ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى أَعْدَائِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمَقْتُولِ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ اكْتِفَاءً بِمَا بَيْن عَصَبَتِهِ وَبَيْنَهُمْ وَكَذَا لَوْ حَصَلَتْ عَدَاوَةٌ بَيْن سَيِّدٍ وَعَبْدِهِ (فَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي صَحْرَاءَ وَلَيْسَ مَعَهُ غَيْرَ عَبْدِهِ كَانَ ذَلِكَ لَوْثًا فِي حَقِّ الْعَبْدِ) .
قُلْتُ لَعَلَّ الْمُرَادَ إنْ كَانَ عَدَاوَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ (وَلِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ الْقَسَامَةُ) عَلَى الْعَبْدِ بِبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَة) بَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَالْمَقْتُولُ أَوْ عَصَبَتِهِ أَوْ سَيِّدِهِ وَلَكِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الْمُدَّعِي كَتَفَرُّقِ جَمَاعَةٍ عَنْ قَتِيلٍ أَوْ كَانَتْ عَصَبَتُهُ مِنْ غَيْرِ عَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ (أَوْ وُجِدَ قَتِيلًا عِنْد مَنْ مَعَهُ سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِدَمٍ أَوْ فِي زِحَامٍ أَوْ شَهَادَةِ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ لَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ بِشَهَادَتِهِمْ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْفُسَّاق أَوْ) شَهِدَ بِالْقَتْلِ (عَدْلٌ وَاحِدٌ وَفَسَقَةٌ أَوْ تَفَرَّقَ فِئَتَانِ عَنْ قَتِيلٍ أَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ) عَدْلَانِ (عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute