(وَإِنْ كَانَتْ) الْمَحْدُودَةُ (فِي نِفَاسِهَا أَوْ ضَعِيفَةً يُخَافُ عَلَيْهَا لَمْ يُقَمْ عَلَيْهَا) الْحَدُّ (حَتَّى تَطْهُرَ وَتَقْوَى) لِيُسْتَوْفَى الْحَدُّ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ مِنْ غَيْرِ خَوْفِ فَوَاتِهِ وَبِهِ فَارَقَتْ الْمَرِيضَ (وَهَذَا) هُوَ (الَّذِي تَقْضِيهِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ) مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّ الْمَرْأَةَ انْطَلَقَتْ فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَجَاءَتْ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهَا: انْطَلِقِي فَتَطَهَّرِي مِنْ الدَّمِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يُقَامُ عَلَيْهَا الْحَدُّ فِي الْحَالِ بِسَوْطٍ يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلَفُ فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهَا مِنْ السَّوْطِ أُقِيمَ) الْحَدُّ (بِالْعُثْكُولِ وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ) كَالْمَرِيضِ.
(وَتَقَدَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَيُؤَخَّرُ) إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى (سَكْرَانٍ حَتَّى يَصْحُوَ) لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ مِنْ إقَامَةٍ الْحَدِّ وَهُوَ الزَّجْرُ (فَلَوْ خَالَفَ وَحَدَّهُ) أَيْ السَّكْرَانَ قَبْلَ صَحْوِهِ (سَقَطَ) قَالَ فِي الْمُنْتَهَى وَشَرْحِهِ إنْ حَسَّ بِأَلَمِ الضَّرْبِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يَزْجُرهُ (وَيُؤَخَّرْ قَطْعُ خَوْفِ تَلَفٍ) أَيْ مَوْتِ الْمَحْدُودِ بِالْقَطْعِ لِأَنَّهُ حَيْفٌ (وَإِنْ مَاتَ) الْمَحْدُودُ (فِي حَدٍّ أَوْ قَطْعِ سَرِقَةٍ أَوْ تَعْزِيرٍ أَوْ تَأْدِيبٍ مُعْتَاد) مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ مُعَلِّمٍ أَوْ وَالِدٍ أَوْ زَوْجٍ (وَتَقَدَّمَ فِي الدِّيَاتِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّهُ حَدٌّ وَجَبَ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ اللَّه وَلِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا كَسِرَايَةِ الْقِصَاصِ (إنْ لَمْ يَلْزَمْ التَّأْخِيرُ فَإِنْ لَزِمَ) التَّأْخِيرُ بِأَنْ خِيفَ التَّلَفَ مِنْ الْقَطْعِ (وَلَمْ يُؤَخِّرْ) الْقَطْعَ (ضَمِنَ) الْقَاطِعُ الْمَقْطُوعَ إنْ سَرَى إلَيْهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ إذَنْ.
(وَإِنْ زَادَ) الْجَلَّادُ (فِي الْحَدِّ سَوْطًا أَوْ أَكْثَر عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ) زَادَ (فِي السَّوْطِ) بِأَنْ ضَرَبَ بِأَكْبَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَضْرِبُ بِهِ (أَوْ اعْتَمَدَ) الْجَلَّادُ (فِي ضَرْبِهِ أَوْ) ضَرَبَ (بِسَوْطٍ لَا يَحْتَمِلُهُ) لِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ (ضَمِنَهُ) لِأَنَّهُ تَلِفَ بِعُدْوَانِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ ضَرَبَهُ فِي غَيْرِ الْجَلْدِ (بِكُلِّ الدِّيَةِ) لِأَنَّهُ قَتْلٌ حَصَلَ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ وَعُدْوَانِ الضَّارِب فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَى الضَّارِبِ كَمَا لَوْ ضَرَبَ مَرِيضًا سَوْطًا فَقَتَلَهُ (كَمَا إذَا أَلْقَى عَلَى سَفِينَةٍ مُوَقَّرَةٍ حَجَرًا فَغَرَّقَهَا فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْجَلَّادِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ) أَحَدٍ (فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) إنْ كَانَ خَطَأً كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْخَطَإِ.
(وَمَنْ أُمِرَ بِزِيَادَةٍ فَزَادَ جَاهِلًا تَحْرِيمَهَا) أَيْ الزِّيَادَة فَتَلِفَ الْمَضْرُوبُ (ضَمِنَهُ الْآمِرُ) كَمَا لَوْ أَمَرَ بِالْقَتْلِ مُكَلَّفًا يَجْهَلُ تَحْرِيمَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الضَّارِبُ جَاهِلًا تَحْرِيمَ الزِّيَادَةِ ضَمِنَهُ (الضَّارِبُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ وَكَمَنْ أَمَرَ بِالْقَتْلِ مُكَلَّفًا يَعْلَمُ تَحْرِيمَهُ (وَإِنْ تَعَمَّدَهُ) أَيْ الزَّائِدُ (الْعَادَّةُ فَقَطْ) ضَمِنَهُ وَحْدَهُ دُونَ الضَّارِبِ وَغَيْرِهِ (أَوْ أَخْطَأَ) الْعَادَّةَ فِي الْعَدَدِ (وَادَّعَى الضَّارِبُ الْجَهْلَ ضَمِنَهُ الْعَادُّ) هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَقَالَهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute