للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لِأَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِامْرَأَةٍ وَرَجُلٍ مِنْهُمْ قَدْ زَنَيَا فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرُجِمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَيَلْزَمُ الْإِمَامُ إقَامَةَ حَدِّ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ) لِالْتِزَامِهِمْ حُكْمِنَا (وَمِثْلُهُ الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] (وَلَا يَسْقُطُ) حَدٌّ عَنْ ذِمِّيٍّ (بِإِسْلَامِهِ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ عَلَيْهِ (لَكِنْ لَا يُقَامُ حَدُّ الزِّنَا عَلَى مُسْتَأْمَنٍ نَصًّا) قُلْتُ وَكَذَا حَدُّ سَرِقَةٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مُلْتَزِمٌ لِحُكْمِنَا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ.

(قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِي بَابِ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ لِأَنَّهُ) أَيْ الزِّنَا (يَجِبُ بِهِ الْقَتْلُ لِنَقْضِ الْعَهْدِ وَلَا يَجِبُ مَعَ الْقَتْلِ حَدٌّ سِوَاهُ انْتَهَى وَهَذَا إذَا زَنَى بِمُسْلِمَةٍ وَأَمَّا إنْ زَنَى) الْمُسْتَأْمَنُ (بِغَيْرِ مُسْلِمَةٍ فَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَالْحَرْبِيِّ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ (وَكَحَدِّ الْخَمْرِ) فَلَا يُقَامُ عَلَى كَافِرٍ وَلَوْ ذِمِّيًّا لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ (وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ وَلَدٌ مِنْ امْرَأَتِهِ فَقَالَ مَا وَطِئَهَا لَمْ يَثْبُتْ إحْصَانُهُ) وَلَا يُرْجَمُ إذَا زَنَى لِأَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِإِمْكَانِ الْوَطْءِ وَاحْتِمَالِهِ وَالْإِحْصَانُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِحَقِيقَةِ الْوَطْءِ (وَلَوْ كَانَ لَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ (وَلَدٌ مِنْ زَوْجٍ فَأَنْكَرَتْ) الْمَرْأَةُ (أَنْ يَكُونَ) زَوْجُهَا (وَطِئَهَا لَمْ يَثْبُتْ إحْصَانُهَا) لِمَا ذَكَرْنَا.

(وَيَثْبُتُ) إحْصَانُهُ (بِقَوْلِهِ وَطِئْتُهَا أَوْ جَامَعْتُهَا أَوْ بَاضَعْتُهَا وَيَثْبُتُ إحْصَانُهَا بِقَوْلِهَا إنَّهُ جَامَعَهَا أَوْ بَاضَعَهَا أَوْ وَطِئَهَا وَإِنْ قَالَتْ) الزَّوْجَةُ أَنَّهُ (بَاشَرَهَا أَوْ أَصَابَهَا أَوْ أَتَاهَا أَوْ دَخَلَ بِهَا أَوْ قَالَهُ هُوَ) أَيْ قَالَ الزَّوْجُ أَنَّهُ بَاشَرَهَا أَوْ أَصَابَهَا أَوْ أَتَاهَا أَوْ دَخَلَ بِهَا (فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ بِهِ الْإِحْصَانُ) لِأَنَّ هَذَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْجِمَاعِ فِيهِمَا دُون الْفَرْجِ كَثِيرًا فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْإِحْصَانُ الَّذِي يُدْرَأُ بِالِاحْتِمَالِ وَقَالَ فِي الْمُبْدِع وَالْأَشْهَرُ أَوْ دَخَلْتُ بِهَا أَيْ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ الْإِحْصَانُ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى (وَإِذَا جُلِدَ الزَّانِي عَلَى أَنَّهُ بِكْرٌ فَبَانَ مُحْصَنًا رُجِمَ) إلَى أَنْ يَمُوتَ، لِحَدِيثِ جَابِرٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد لِأَنَّهُ حَدُّهُ وَالْجَلْدُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا.

(وَإِذَا رُجِمَ الزَّانِيَانِ الْمُسْلِمَانِ غُسِّلَا وَكُفِّنَا وَصُلِّيَ عَلَيْهِمَا وَدُفِنَا) مَعًا، كَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، لِحَدِيثِ الْغَامِدِيَّةِ وَفِيهِ: «فَرُجِمَتْ وَصَلَّى عَلَيْهَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَإِذَا زَنَى الْحُرُّ غَيْرَ الْمُحْصَنِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ جُلِدَ مِائَةً) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢] (وَغُرِّبَ عَامًا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ» وَلِأَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ فَعَلُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>