للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الْقَاذِفِ (كَانَ لَهُ) أَيْ ابْنِهَا الْآخَرِ، (اسْتِيفَاؤُهُ فَلَهُ إذَا مَاتَتْ بَعْدُ الْمُطَالَبَةُ) لِتَبَعُّضِهِ بِخِلَافِ الْقَوَدِ.

(وَيُحَدُّ الِابْنُ بِقَذْفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ وَإِنْ عَلَوْا) لِعُمُومِ الْآيَةِ وَكَمَا يُقَادُ بِهِمْ (وَيُحَدُّ) الْقَاذِفُ (بِقَذْفٍ عَلَى وَجْهِ الْغَيْرَةِ) بِفَتْحِ الْغَيْن الْمُعْجَمَة أَيْ الْحَمِيَّةِ وَالْأَنَفَةِ، لِعُمُومِ الْآيَةِ وَكَأَجْنَبِيٍّ.

(وَيُشْتَرَطُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ) بِالْقَذْفِ (مُطَالَبَةُ الْمَقْذُوفِ) لِلْقَاذِفِ (وَاسْتِدَامَةُ الطَّلَبِ إلَى إقَامَةِ الْحَدِّ بِأَنْ لَا يَعْفُو) فَلَا يُحَدُّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ إلَّا بِطَلَبِهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إجْمَاعًا.

(وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (أَنْ لَا يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ (مَا قَذَفَهُ بِهِ) لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ٤] .

(وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (أَنْ لَا يُصَدِّقَهُ الْمَقْذُوفُ) فَإِنْ صَدَّقَهُ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ أَبْلَغَ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ.

(وَ) يُشْتَرَط أَيْضًا (أَنْ لَا يُلَاعِنَ الْقَاذِفُ) الْمَقْذُوفَ (إنْ كَانَ) الْقَاذِفُ (زَوْجًا) فَإِنْ لَاعَنَ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ لِمَا تَقَدَّمَ فِي اللِّعَانِ (وَهُوَ) أَيْ حَدُّ الْقَذْفِ (حَقٌّ لِآدَمِيٍّ) يَسْقُطُ بِعَفْوِهِ (وَلَا يُسْتَحْلَفُ) الْمُنْكِرُ (فِيهِ) أَيْ فِي الْقَذْفِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ مَقْصُودُهُ (وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ) أَيْ الْمُقِرِّ بِالْقَذْفِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْقَذْفِ كَسَائِرِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّ إذَا أَقَرَّ بِهَا بِخِلَافِ حَدِّ الزِّنَا وَحَدِّ الشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى.

(وَيَسْقُطُ) حَدُّ الْقَذْفِ بِالْعَفْوِ (عَنْ بَعْضِهِ) فَلَوْ قُذِفَ جَمَاعَةٌ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَعَفَا بَعْضُهُمْ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَمْ يَعْفُ وَيُسْتَوْفَى لَهُ كَامِلًا بِخِلَافِ الْقِصَاصِ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ (وَإِنْ قَالَ، اقْذِفْنِي عُزِّرَ الْقَاذِفُ فَقَطْ) لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً وَلَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ وَقَدْ أَذِنَ فِيهِ (وَلَيْسَ لِلْمَقْذُوفِ اسْتِيفَاءُ بِنَفْسِهِ) فَلَوْ فَعَلَ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْإِمَامِ أَنَّهُ حَدَّ (وَقَذْفُ غَيْرِ الْمُحْصَنِ كَمُشْرِكٍ وَذِمِّيٍّ وَقِنٍّ وَلَوْ كَانَ الْقَاذِفُ سَيِّدَهُ وَمُسْلِمٍ لَهُ دُونَ عَشْرِ سِنِينَ وَمُسْلِمَةٍ لَهَا دُونَ تِسْعِ سِنِينَ وَمَنْ لَيْسَ بِعَفِيفٍ يُوجِبُ التَّعْزِيرَ فَقَطْ) رَدْعًا لَهُ عَنْ أَعْرَاضِ الْمَعْصُومِينَ وَكَفَالَةً عَنْ أَذَاهُمْ (وَحَقُّ طَلَبِ تَعْزِيرِ الْقِنِّ إذَا قُذِفَ لَهُ) لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ مَقْصُودُهُ (لَا لِسَيِّدِهِ) فَلَا يُطَالَبُ بِهِ سَيِّدُهُ.

(وَالْمُحْصَنُ هُنَا) أَيْ فِي الْقَذْفِ غَيْرُ الْمُحْصَنِ فِي بَابِ الزِّنَا (وَهُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ الَّذِي يُجَامِعُ مِثْلُهُ) وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ وَبِنْتُ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ (الْعَفِيفُ عَنْ الزِّنَا ظَاهِرًا) أَمَّا اعْتِبَارُ الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فَلِأَنَّ الْعَبْدَ وَالْكَافِرَ حُرِّيَّتُهُمَا لَا تَنْهَضُ لِإِيجَابِ الْحَدِّ وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ وَرَدَتْ فِي الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ وَغَيْرِهَا لَيْسَ فِي مَعْنَاهَا، وَأَمَّا الْعَقْلُ فَلِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَا يُعَيَّرُ بِالزِّنَا لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ وَغَيْرُ الْعَاقِلِ لَا يَلْحَقُهُ شَيْنٌ بِإِضَافَةِ الزِّنَا إلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>