وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْقِصَاصِ (وَهِيَ أَخْذُ مَالٍ مُحْتَرَمٍ لِغَيْرِهِ وَإِخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ) عَادَةً (لَا شُبْهَةَ لَهُ) أَيْ الْآخِذِ (فِيهِ) وَقَوْلُهُ (عَلَى وَجْهِ الِاخْتِفَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَخْذِ وَمِنْهُ اسْتِرَاقُ السَّمْعِ وَمُسَارَقَةُ النَّظَر إذَا كَانَ يَخْتَفِي بِذَلِكَ إذَا عَلِمْتَ أَنَّ السَّرِقَةَ الْأَخْذُ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِفَاءِ (فَلَا قَطْعَ عَلَى مُنْتَهِبٍ) وَهُوَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ عَلَى وَجْهِ الْغَنِيمَةِ لِمَا رَوَى جَابِرُ مَرْفُوعًا قَالَ «لَيْسَ عَلَى الْمُنْتَهِبِ قَطْعٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَلَا) عَلَى (مُخْتَلِسٍ وَالِاخْتِلَاسُ نَوْعٌ مِنْ الْخَطْفِ وَالنَّهْبِ) وَإِنَّمَا اسْتَخْفَى فِي ابْتِدَاءِ اخْتِلَاسِهِ وَالْمُخْتَلِسُ الَّذِي يَخْطَفُ الشَّيْءَ وَيَمُرُّ بِهِ (وَلَا عَلَى غَاصِبٍ وَلَا) .
عَلَى (خَائِنٍ فِي وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ عَلَى الْخَائِنِ وَالْمُخْتَلِسِ قَطْعٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَقَالَ أَبُو دَاوُد بَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ يَاسِينِ الزَّيَّاتِ " وَلِأَنَّ الِاخْتِلَاسَ نَوْعٌ مِنْ النَّهْبِ وَإِذَا لَمْ يُقْطَعْ الْخَائِنُ وَالْمُخْتَلِسُ فَالْغَاصِبُ أَوْلَى (وَلَا جَاحِدُ وَدِيعَةٍ وَلَا غَيْرِهَا مِنْ الْأَمَانَاتِ) لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا قَطْعَ عَلَى خَائِنٍ» وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَارِقٍ (إلَّا الْعَارِيَّةَ فَيُقْطَعُ بِجَحْدِهَا) لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَطْعِ يَدِهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَعْلَمُ شَيْئًا يَدْفَعُهُ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ: " هُوَ حُكْمٌ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ يَدْفَعُهُ شَيْءٌ (وَ) يُقْطَعُ (بِسَرِقَةِ مِلْحٍ وَتُرَابٍ) يَقْصِدُ عَادَةً كَالطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ وَالْمَغَرَةِ (وَأَحْجَارٍ وَلَبِنٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ جَمْعُ لَبِنَةٍ (وَ) سَرِقَةُ (كَلَأٍ وَسِرْجِينٍ طَاهِرٍ وَثَلْجٍ وَصَيْدٍ وَفَاكِهَةٍ وَطَبِيخٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَمَتَاعٍ وَخَشَبٍ وَقَصَبٍ) سُكَّرٍ فَارِسِيٍّ (وَنَوْرَةٍ وَجَصٍّ وَزَرْنِيخٍ وَفُخَّارٍ وَتَوَابِلَ) وَهِيَ مَا يُوضَعُ عَلَى الْخُبْزِ مِنْ شَمَرٍ وَنَحْوِهِ (وَزُجَاجٍ) حَيْثُ بَلَغَتْ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ مِنْ ذَلِكَ نِصَابًا لِعُمُومِ النُّصُوصِ (وَيُشْتَرَطُ فِي قَطْعِ سَارِقٍ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا) لِحَدِيثِ: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَحَدِيثُ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» .
(وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (أَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ مَالًا) لِأَنَّ مَا لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا حُرْمَةَ لَهُ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ قَطْعٌ وَالْأَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّ غَيْرَ الْمَالِ لَا يُسَاوِي الْمَالَ، فَلَا يُلْحَقُ بِهِ وَالْآيَةُ وَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً فَالْأَخْبَارُ مُقَيَّدَةٌ وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ (مُحْتَرَمًا) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَمَالِ الْحَرْبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute