(وَهِيَ مَدْفِنُ الْمَوْتَى) بُنِيَ لَفْظُهَا مِنْ لَفْظِ الْقَبْرِ، لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا كَثُرَ بِمَكَانٍ جَازَ أَنْ يُبْنَى لَهُ اسْمٌ مِنْ اسْمِهِ كَقَوْلِهِمْ: مَسْبَعَةٌ لِمَكَانٍ كَثُرَ فِيهِ السِّبَاعُ وَمَضْبَعَةٌ لِمَكَانٍ كَثُرَ فِيهِ الضِّبَاعُ وَهِيَ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَعَ تَثْلِيثِ الْبَاءِ، لَكِنَّ الْفَتْحَ الْقِيَاسُ وَالضَّمَّ الْمَشْهُورُ وَالْكَسْرَ قَلِيلٌ، وَيَجُوزُ كَسْرُ الْمِيمِ وَفَتْحُ الْبَاءِ.
(وَلَا يَضُرُّ قَبْرٌ وَلَا قَبْرَانِ) أَيْ: لَا يَمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهَا اسْمُ الْمَقْبَرَةِ، وَإِنَّمَا الْمَقْبَرَةُ ثَلَاثَةُ قُبُورٍ فَصَاعِدًا، نَقَلَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ: هَذَا الْفَرْقُ قَالَ وَقَالَ أَصْحَابُنَا: وَكُلُّ مَا دَخَلَ فِي اسْمِ الْمَقْبَرَةِ مِمَّا حَوْلَ الْقُبُورِ لَا يُصَلَّى فِيهِ.
(وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْقَبْرِ (وَيَأْتِي) فِي الْبَابِ (وَلَا) يَضُرُّ أَيْ: لَا تُمْنَعُ الصَّلَاةُ فِي (مَا أُعِدَّ لِلدَّفْنِ فِيهِ، وَلَمْ يُدْفَنْ فِيهِ، وَلَا مَا دُفِنَ بِدَارِهِ) وَإِنْ كَثُرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَقْبَرَةٍ (وَالْخَشْخَاشَةُ) : بَيْتٌ فِي الْأَرْضِ لَهُ سَقْفٌ يُقْبَرُ فِيهِ جَمَاعَةٌ لُغَةٌ عَامِّيَّةٌ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (فِيهَا جَمَاعَةٌ) مِنْ الْمَوْتَى (قَبْرٌ وَاحِدٌ) اعْتِبَارًا بِهَا، لَا بِمَنْ فِيهَا (وَتَصِحَّ صَلَاةُ جِنَازَةٍ فِيهَا) أَيْ: الْمَقْبَرَةِ.
(وَلَوْ قَبْلَ الدَّفْنِ، بِلَا كَرَاهَةٍ) أَيْ: لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَقْبَرَةِ (وَالْمَسْجِدُ فِي الْمَقْبَرَةِ إنْ حَدَثَ بَعْدَهَا: كَهِيَ) أَيْ: لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ، غَيْرَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَقْبَرَةِ (وَإِنْ حَدَثَتْ) الْمَقْبَرَةُ (بَعْدَهُ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (حَوْلَهُ، أَوْ) حَدَثَتْ (فِي قِبْلَتِهِ، فَكَصَلَاةٍ إلَيْهَا) أَيْ: إلَى الْمَقْبَرَةِ، فَتُكْرَهُ بِلَا حَائِلٍ (وَلَوْ وُضِعَ الْقَبْرُ) أَيْ: دُفِنَ فِيهَا، بِحَيْثُ سُمِّيَتْ مَقْبَرَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَالْمَسْجِدُ مَعًا لَمْ يَجُزْ فِيهِ، وَلَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ وَلَا الصَّلَاةُ، قَالَهُ) ابْنُ الْقَيِّمِ (فِي الْهَدْيِ) النَّبَوِيِّ، تَقْدِيمًا لِجَانِبِ الْحَظْرِ.
(وَلَا) تَصِحُّ (فِي حَمَّامٍ: دَاخِلَهُ وَخَارِجَهُ وَأَتُّونِهِ) أَيْ مَوْقِدِ النَّارِ (وَكُلِّ مَا يُغْلَقُ عَلَيْهِ الْبَابُ وَيَدْخُلُ فِي بَيْعٍ) لِشُمُولِ الِاسْمِ لِذَلِكَ كُلِّهِ وَذَلِكَ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا قَالَ: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ أَسَانِيدُهُ صَحِيحَةٌ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ خَبَرٌ صَحِيحٌ.
(وَلَا) تَصِحُّ الصَّلَاةُ (فِي حَشٍّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا (وَهُوَ مَا أُعِدَّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) وَلَوْ مَعَ طَهَارَتِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَهُوَ لُغَةً الْبُسْتَانُ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى مَحَلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يَقْضُونَ حَوَائِجَهُمْ فِي الْبَسَاتِينِ، وَهِيَ الْحُشُوشُ فَسُمِّيَتْ الْأَخْلِيَةُ فِي الْحَضَرِ حُشُوشًا (فَيُمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ دَاخِلَ بَابِهِ وَمَوْضِعُ الْكَنِيفِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ) لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالْكَلَامِ فِيهِ كَانَ مَنْعُ الصَّلَاةِ فِيهِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى.
(وَلَا) تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي (أَعْطَانِ إبِلٍ وَهِيَ مَا تُقِيمُ فِيهِ، وَتَأْوِي إلَيْهِ) وَاحِدُهَا عَطَنٌ، بِفَتْحِ الطَّاءِ، وَهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute