مُحَارِبِينَ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْنَعُونَ مَنْ قَصَدَهُمْ (فِي صَحْرَاءَ أَوْ بُنْيَانٍ أَوْ بَحْرٍ) لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِأَنَّ ضَرَرَهُمْ فِي الْمِصْرِ أَعْظَمُ فَكَانُوا بِالْحَدِّ أَوْلَى (فَيَغْصِبُونَهُمْ مَالًا) بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ (مُحْتَرَمًا) لَا صَلِيبًا وَمِزْمَارًا وَنَحْوَهُمَا (قَهْرًا مُجَاهِرَةً) وَالْأَصْل فِيهِمْ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: ٣٣] الْآيَةُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: نَزَلَتْ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: ٣٤] وَالْكَفَّارَةُ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ وَقَبْلهَا وَعَنْ، ابْنِ عُمَرَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمُرْتَدِّينَ لِأَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا قَضِيَّةُ الْعُرَنِيِّينَ (فَإِنْ أَخَذُوا) الْمَالَ (مُخْتَفِينَ فَهُمْ سُرَّاقٌ) لِأَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ إلَى مَنَعَةٍ وَقُوَّةٍ فَلَيْسُوا مُحَارِبِينَ.
(وَإِنْ خَطِفُوهُ وَهَرَبُوا فَمُنْتَهِبُونَ لَا قَطْعَ عَلَيْهِمْ) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا قُطَّاعَ طَرِيقٍ لِمَا مَرَّ (وَإِنْ خَرَجَ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ عَلَى آخِرِ قَافِلَةٍ فَاسْتَلَبُوا مِنْهَا شَيْئًا فَلَيْسُوا بِمُحَارِبِينَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرْجِعُوا إلَى مَنَعَةٍ وَقُوَّةٍ وَإِنْ خَرَجُوا عَلَى عَدَدٍ يَسِيرٍ فَقَهَرُوهُمْ فَهُمْ مُحَارِبُونَ) يَثْبُتُ لَهُمْ حُكْمُهُمْ (وَيُعْتَبَر ثُبُوتُهُ) أَيْ قَطْعُ الطَّرِيقِ (بِبَيِّنَةٍ) أَيْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ (أَوْ إقْرَار مَرَّتَيْنِ) كَسَرِقَةٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ (فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ (قَدْ قَتَلَ) قَتِيلًا (لِأَخْذِ مَالِهِ وَلَوْ) كَانَ الْقَتْلُ (بِمُثْقَلٍ أَوْ سَوْطٍ أَوْ عَصَا وَلَوْ) قَتَلَ (غَيْرَ مَنْ يُكَافِئُهُ كَمَنْ قَتَلَ وَلَدَهُ أَوْ) قَتَلَ (عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا وَأَخَذَ الْمَالَ قُتِلَ حَتْمًا) أَيْ وُجُوبًا لِلْآيَةِ (بِالسَّيْفِ فِي عُنُقِهِ) لِحَدِيثِ: «إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» (وَلَوْ عَفَا عَنْهُ وَلِيُّ) الْمَقْتُولِ لِأَنَّهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَسْقُطُ بِعَفْوِ الْوَلِيِّ (ثُمَّ صَلْبُ الْمُكَافِئِ) لِمَقْتُولِهِ (دُونَ غَيْرِهِ بِقَدْرِ مَا يَشْتَهِرُ) بِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ زَجْرُ غَيْرِهِ وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى الشَّافِعِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إذَا قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ صُلِبُوا وَإِذَا قَتَلُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا الْمَالَ قُتِلُوا وَلَمْ يُصْلَبُوا وَإِذَا أَخَذُوا الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلُوا قُطِّعَتْ أَيَدِيّهُمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ وَإِذَا أَخَافُوا السَّبِيلَ وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا نُفُوا مِنْ الْأَرْض وَرُوِيَ نَحْوُهُ مَرْفُوعًا وَقُدِّمَ الْقَتْلُ عَلَى الصَّلْبِ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي الْآيَةِ وَفِي صَلْبِهِ حَيًّا تَعْذِيبٌ.
وَقَدْ نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ (ثُمَّ يُنْزَلُ وَيُدْفَعُ إلَى أَهْلِهِ فَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (فَإِنْ مَاتَ) قَاطِعُ الطَّرِيقِ (قَبْلَ قَتْلِهِ لَمْ يُصْلَبْ) لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي صَلْبِهِ إذَنْ لِأَنَّ الصَّلْبَ إنَّمَا وَجَبَ لِيَشْتَهِرَ أَمْرُهُ فِي الْقَتْلِ فِي الْمُحَارَبَةِ وَهَذَا لَمْ يُقْتَلْ فِي الْمُحَارَبَةِ (وَلَا يَتَحَتَّمُ اسْتِيفَاءُ جِنَايَةٍ تُوجِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute