للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّيَةِ) لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِ مَأْذُونٍ فِيهِ وَغَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ.

(وَإِنْ رَجَعَ) الصَّائِلُ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الدَّافِعِ (بَعْدَ قَطْعِ) يَدِهِ ثُمَّ (رِجْلِهِ فَقَطَعَ) الدَّافِعُ (يَدَهُ الْأُخْرَى) لِكَوْنِهِ لَمْ يَنْدَفِعْ بِدُونِهِ (فَالْيَدَانِ غَيْرُ مَضْمُونَتَيْنِ) بِخِلَافِ الرِّجْلِ الَّتِي قَطَعَهَا بَعْدَ أَنْ وَلَّى هَارِبًا (وَإِنْ مَاتَ) الصَّائِلُ (فَعَلَيْهِ) أَيْ الدَّافِعِ (ثُلُثُ الدِّيَةِ) كَمَا لَوْ مَاتَ مِنْ جِرَاحِ ثَلَاثَةِ أَنْفُسٍ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَالشَّرْحِ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ يَضْمَنَ نِصْفَ الدِّيَةِ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ اثْنَانِ وَمَاتَ مِنْهُمَا.

(فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ) أَيْ الدَّافِعُ (دَفْعَهُ) أَيْ الصَّائِلُ (إلَّا بِالْقَتْلِ أَوْ خَافَ) الدَّافِعُ (ابْتِدَاءً أَنْ يَبْدَأهُ) أَيْ الصَّائِلَ (بِالْقَتْلِ إنْ لَمْ يُعَاجِلْهُ بِالدَّفْعِ فَلَهُ ضَرْبُهُ بِمَا يَقْتُلُهُ وَيَقْطَعُ طَرَفَهُ وَيَكُونُ) ذَلِكَ (هَدْرًا) لِأَنَّهُ أُتْلِفَ لِدَفْعِ شَرِّهِ كَالْبَاغِي.

(وَإِنْ قُتِلَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ فَهُوَ شَهِيدٌ مَضْمُونٌ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي قَالَ لَا تُعْطِهِ قَالَ أَرَأَيْتَ إنْ قَاتَلَنِي قَالَ قَاتِلْهُ قَالَ أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَنِي قَالَ فَأَنْتَ شَهِيدٌ قَالَ أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ قَالَ فِي النَّارِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

(وَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ) لِلصَّائِلِ (عَنْ نِسَائِهِ فَهُوَ لَازِمٌ) أَيْ وَاجِبٌ لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّهِ وَحَقٍّ اللَّهِ وَهُوَ مَنْعُهُ مِنْ الْفَاحِشَةِ (وَإِنْ كَانَ) الدَّفْعُ (عَنْ نَفْسِهِ فِي غَيْرِ فِتْنَةٍ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَالدَّفْعُ لَازِمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] وَكَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَتْلُ نَفْسِهِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إبَاحَةُ قَتْلِهَا وَلِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى إحْيَاءِ نَفْسِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُ مَا يَتَّقِي بِهِ كَالْمُضْطَرِّ لِلْمَيْتَةِ فَإِنْ كَانَ فِي فِتْنَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّفْعُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْفِتْنَةِ: «اجْلِسْ فِي بَيْتِكَ فَإِنْ خِفْتَ أَنْ يَنْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ فَغَطِّ وَجْهَكَ» .

وَفِي لَفْظٍ «فَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ وَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْقَاتِلَ» وَلِأَنَّ عُثْمَانَ تَرَكَ الْقِتَالَ عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَمَنَعَ غَيْرَهُ قِتَالَهُمْ وَصَبَرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَجُزْ لَأَنْكَرَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَدْفَع عَنْ نَفْسِهِ (وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ وَالِاحْتِمَاءُ كَمَا لَوْ خَافَ مِنْ سَيْلٍ أَوْ نَارٍ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَتَنَحَّى عَنْهُ وَكَمَا لَوْ كَانَ الصَّائِلُ) عَلَيْهِ (بَهِيمَةً) فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُهَا (وَلَه قَتْلُهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) فِيهَا لِسُقُوطِ حُرْمَتِهَا بِالصَّوْلِ.

(وَإِنْ كَانَ) الدَّفْعُ عَنْ (نَفْسِهِ فِي غَيْرِ فِتْنَةٍ وَظَنَّ الدَّافِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>