أَوْ شَكًّا أَوْ فِعْلًا (وَلَوْ مُمَيِّزًا) فَتَصِحّ رِدَّتُهُ كَإِسْلَامِهِ وَيَأْتِي (طَوْعًا) لَا مُكْرَهًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦] (وَلَوْ) كَانَ (هَازِلًا) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} [المائدة: ٥٤] الْآيَةَ وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ.
(فَمَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ) تَعَالَى أَيْ كَفَرَ بِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَلَوْ مُكْرَهًا بِحَقٍّ كَفَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] (أَوْ جَحَدَ بِرُبُوبِيَّتِهِ أَوْ وَحْدَانِيِّتِهِ) كَفَرَ لِأَنَّ جَاحِدَ ذَلِكَ مُشْرِكٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى (أَوْ) جَحَدَ (صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ) اللَّازِمَةِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ لِأَنَّهُ كَجَاحِدِ الْوَحْدَانِيَّةِ.
وَفِي الْفُصُولِ: شَرْطُهُ أَنْ تَكُونَ الصِّفَةُ مُتَّفَقًا عَلَى إثْبَاتِهَا (أَوْ اتَّخَذَ لَهُ) أَيْ لِلَّهِ (صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا) كَفَرَ لِأَنَّهُ تَعَالَى نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ ذَلِكَ وَنَفَاهُ عَنْهُ فَمُتَّخِذُهُ مُخَالِفٌ لَهُ غَيْرُ مُنَزِّهٍ لَهُ عَنْ ذَلِكَ (أَوْ ادَّعَى النُّبُوَّةَ أَوْ صَدَّقَ مَنْ ادَّعَاهَا) بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَفَرَ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: ٤٠] .
وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا نَبِيَّ بَعْدِي» (أَوْ جَحَدَ نَبِيًّا) مَجْمَعًا عَلَى نُبُوَّتِهِ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلَّهِ جَاحِدٌ لِنُبُوَّةِ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ (أَوْ) جَحَدَ (كِتَابًا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ) لِأَنَّ جَحْدَ شَيْءٍ مِنْهُ كَجَحْدِهِ كُلِّهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي كَوْنِ الْكُلِّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ (أَوْ جَحَدَ الْمَلَائِكَةَ) أَوْ أَحَدًا مِمَّنْ ثَبَتَ أَنَّهُ مَلَكٌ كَفَرَ لِتَكْذِيبِهِ الْقُرْآنَ (أَوْ) جَحَدَ (الْبَعْثَ) كَفَرَ لِتَكْذِيبِهِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ (أَوْ سَبَّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ) كَفَرَ لِأَنَّهُ لَا يَسُبُّهُ إلَّا وَهُوَ جَاحِدٌ بِهِ (أَوْ اسْتَهْزَأَ بِاَللَّهِ) تَعَالَى (أَوْ بِكُتُبِهِ أَوْ رُسُلِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة: ٦٥] {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: ٦٦] .
قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى فِي الْهَازِئِ بِذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ حَتَّى يُؤَدَّبَ أَدَبًا يَزْجُرُهُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُكْتَفَ مِمَّنْ سَبَّ رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّوْبَةِ فَهَذَا أَوْلَى.
(قَالَ الشَّيْخُ أَوْ كَانَ مُبْغِضًا لِرَسُولِهِ أَوْ لِمَا جَاءَ بِهِ) الرَّسُولُ (اتِّفَاقًا، وَقَالَ أَوْ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَسَائِطَ يَتَوَكَّلُ عَلَيْهِمْ وَيَدْعُوهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ إجْمَاعًا انْتَهَى) أَيْ كَفَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ كَفِعْلِ عَابِدِي الْأَصْنَامِ قَائِلِينَ: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute