بَعْضُ السَّلَفِ: كَسْبٌ فِيهِ دَنَاءَةٌ خَيْرٌ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ انْتَهَى قُلْتُ: وَتَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ: أَنَّ الصَّنَائِعَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَيَنْبَغِي لِكُلِّ ذِي صِنَاعَةٍ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الْقِيَامَ بِذَلِكَ الْفَرْضِ طَاعَةً وَيُثَابُ عَلَيْهَا لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (وَيُسْتَحَبُّ الْغَرْسُ وَالْحَرْثُ) أَيْ الزَّرْعُ (وَاِتِّخَاذُ الْغَنَمِ) لِلْخَبَرِ.
(وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْبَتَهُ) بِأَنْ صَارَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ (مَلَكَهُ) الْمُثْبِتُ لَهُ لِحِيَازَتِهِ لَهُ (ثُمَّ إنْ رَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ فَإِنْ كَانَتْ رَمْيَةُ الْأَوَّلِ مُوحِيَةً بِأَنْ نَحَرَتْهُ أَوْ ذَبَحَتْهُ أَوْ وَقَعَتْ فِي حُلْقُومِهِ أَوْ قَلْبِهِ وَجِرَاحَةُ الثَّانِي غَيْرُ مُوحِيَةٍ) حَلَّ (أَوْ أَصَابَ) الثَّانِي (مَذْبَحَهُ أَوْ نَحْرَتَهُ حَلَّ) لِأَنَّهُ ذُكِّيَ (وَلَا ضَمَانَ عَلَى الثَّانِي إلَّا مَا نَقَصَهُ مِنْ خَرْقِ جِلْدِهِ وَنَحْوِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ سِوَى ذَلِكَ الْمَحَلّ (وَإِنْ كَانَ) الْجُرْحُ (الْأَوَّلُ غَيْرَ مُوحٍ حَرُمَ) لِأَنَّهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ بِإِثْبَاتِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يُبَحْ إلَّا بِذَبْحِهِ وَلَمْ يُوجَدْ (وَيُغَرَّمُ) الثَّانِي (قِيمَتَهُ لِلْأَوَّلِ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ حَتَّى وَلَوْ أَدْرَكَ الْأَوَّلُ ذَكَاتَهُ فَلَمْ يُذَكِّهِ (إلَّا أَنْ تَنْحَرَهُ رَمْيَتُهُ) أَيْ الثَّانِي (أَوْ تَذْبَحَهُ أَوْ يُدْرِكَ) الصَّيْدَ وَ (فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَيُذَكَّى فَيَحِلُّ) لِأَنَّهُ ذَكِيٌّ (وَإِنْ كَانَ الْمَرْمِيُّ قِنًّا أَوْ شَاةً لِلْغَيْرِ وَلَمْ يُوحِيَاهُ) أَيْ الْجُرْحَانِ (وَسَرَيَا) إلَى النَّفْسِ (فَعَلَى الثَّانِي نِصْفُ قِيمَتِهِ) أَيْ الْقِنِّ أَوْ الشَّاةِ (مَجْرُوحًا بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ) اعْتِبَارًا بِحَالِ جِنَايَتِهِ (وَيُكْمِلُهَا) أَيْ الْقِيمَةِ حَالَ كَوْنِ الْقِنِّ الْمَجْرُوحِ أَوْ الشَّاةِ (سَلِيمًا) الْجَارِحُ (الْأَوَّلُ) لِأَنَّهُ وَقْتُ جِنَايَتِهِ كَانَ كَذَلِكَ.
(وَإِنْ رَمَيَا) أَيْ الصَّائِدَانِ مَعَ أَهْلِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَتَسْمِيَتُهُ (الصَّيْدَ مَعًا فَقَتَلَاهُ كَانَ) الصَّيْدُ (حَلَالًا) كَمَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي ذَبْحِهِ (وَمَلَكَاهُ بَيْنهمَا) نِصْفَيْنِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إصَابَتِهِ سَوَاءٌ تَسَاوَى الْجُرْحَانِ أَوْ تَفَاوَتَا (فَإِنْ كَانَ جُرْحُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الصَّائِدَيْنِ مَعًا (مُوحِيًا وَ) الْجُرْحُ (الْآخَرُ غَيْرَ مُوحٍ وَلَا يُثْبِتُهُ) أَيْ الصَّيْدَ (مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ ذَلِكَ الْجُرْحِ (فَهُوَ) أَيْ الْمَصِيدُ.
(لِصَاحِبِ الْجُرْحِ الْمُوحِي) لِانْفِرَادِهِ بِإِثْبَاتِهِ (وَإِنْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ صَاحِبِهِ فَوَجَدَاهُ مَيِّتًا وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ صَارَ ب) الْجُرْحِ (الْأَوَّلِ مُمْتَنِعًا أَوْ لَا حَلَّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ امْتِنَاعِهِ (وَيَكُونُ) مِلْكُهُ (بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ تَخْصِيصَ أَحَدِهِمَا بِهِ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ (فَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: أَنَا أَثْبَتُّهُ ثُمَّ قَتَلْتَهُ أَنْتَ) فَتَضْمَنُهُ (حَرُمَ) لِإِقْرَارِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِتَحْرِيمِهِ (وَيَتَحَالَفَانِ لِأَجْلِ الضَّمَانِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُنْكِرٌ لِمَا يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ.
(وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْأَوَّل مِنْهُمَا) أَيْ عَلَى أَنَّ زَيْدًا مَثَلًا رَمَاهُ أَوَّلًا (فَقَالَ الْأَوَّلُ أَنَّا أَثْبَتُّهُ ثُمَّ قَتَلَهُ الْآخَرُ) فَحَرُمَ وَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ (وَأَنْكَرَ الثَّانِي إثْبَاتَ الْأَوَّلِ لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الثَّانِي) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (وَيَحْرُمُ) الْمَصِيدُ (عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute