للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ ابْنِ عُمَرَ لِأَنَّ النَّصْبَ جَرَى مَجْرَى الْمُبَاشَرَةِ فِي الضَّمَانِ، فَكَذَا فِي الْإِبَاحَةِ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلْ مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ يَدُكَ» وَلِأَنَّهُ قَتْلُ الصَّيْدِ بِمَا لَهُ حَدٌّ، جَرَتْ الْعَادَةُ بِالصَّيْدِ بِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ رَمَاهُ، وَفَارَقَ مَا إذَا نَصَبَ سِكِّينًا فَإِنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِالصَّيْدِ بِهَا ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ: مَعَ أَنَّ عِبَارَةَ الْمُنْتَهَى مَنْ نَصَبَ مِنْجَلًا أَوْ سِكِّينًا لَكِنْ عِبَارَةُ الْمُقْنِعِ بِالْجَمْعِ كَالْمُصَنِّفِ وَلَمْ يُغَيِّرْهَا فِي التَّنْقِيحِ وَلَا تَعَرَّضَ لِهَؤُلَاءِ فِي الْإِنْصَافِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجْرَحْهُ مَا نَصَبَهُ مِنْ مَنَاجِلَ أَوْ سَكَاكِينَ (فَلَا) يُبَاحُ الصَّيْدُ لِعَدَمِ الْجُرْحِ.

(وَإِنْ قَتَلَ) الصَّيْدَ (بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ لَمْ يُبَحْ) الصَّيْدُ (إذَا احْتَمَلَ أَنَّ السُّمَّ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ) لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ مُبِيحٌ وَمُحَرِّمٌ فَغُلِّبَ الْمُحَرِّمُ وَكَسَهْمِ مُسْلِمٍ وَمَجُوسِيٍّ فَيَحْرُمُ وَلَوْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ السُّمَّ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ حَيْثُ احْتَمَلَ فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ فَلَا.

(وَلَوْ رَمَاهُ) أَيْ الصَّيْدَ (فَوَقَعَ فِي مَا يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ) لَمْ يَحِلَّ (أَوْ تَرَدَّى) مِنْ نَحْوِ جَبَلٍ (تَرَدِّيًا يَقْتُلُ مِثْلُهُ) لَمْ يَحِلَّ (أَوْ وَطِئَ عَلَيْهِ شَيْءٌ) بَعْدَ رَمْيِهِ (فَقَتَلَهُ لَمْ يَحِلَّ) لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهِ مُبِيحٌ وَمُحَرِّمٌ أَشْبَهَ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ وَلِمَا رَوَى عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّيْدِ فَقَالَ إذَا رَمَيْتَ سَهْمَكَ فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ، فَإِنْ وَجَدْتَهُ قَدْ قَتَلَ فَكُلْ إلَّا أَنْ تَجِدَهُ وَقَعَ فِي مَاءٍ فَإِنَّك لَا تَدْرِي الْمَاءُ قَتَلَهُ أَوْ سَهْمُكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْمُتَرَدِّي مِنْ نَحْوِ جَبَلٍ وَالْمَوْطُوءِ عَلَيْهِ مِثْلُهُ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْقَاتِلِ مِنْ السَّبَبَيْنِ (وَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ مُوحِيًا) لِظَاهِرِ مَا سَبَقَ.

(وَإِنْ وَقَعَ) الصَّيْدُ (فِي مَاءٍ وَرَأْسُهُ) أَيْ الصَّيْدِ (خَارِجُهُ) أَيْ الْمَاءِ فَمُبَاحٌ (أَوْ كَانَ) الصَّيْدُ (مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ) فَمُبَاحٌ (أَوْ كَانَ التَّرَدِّي لَا يَقْتُلُ مِثْلَ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ فَمُبَاحٌ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: لَا خِلَافَ فِي إبَاحَتِهِ لِأَنَّ التَّرَدِّي وَالْوُقُوعَ إنَّمَا حَرُمَ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ قَاتِلًا أَوْ مُعِينًا عَلَى الْقَتْلِ وَهَذَا مُنْتَفٍ هُنَا.

(وَإِنْ رَمَى طَيْرًا فِي الْهَوَاءِ أَوْ عَلَى شَجَرَةٍ أَوْ جَبَلٍ فَوَقَعَ) طَيْرًا (إلَى الْأَرْضِ فَمَاتَ حَلَّ لِأَنَّ سُقُوطَهُ بِالْإِصَابَةِ) وَالظَّاهِرُ زُهُوقُ رُوحِهِ بِالرَّمْيِ لَا بِالْوُقُوعِ وَلِأَنَّ وُقُوعَهُ إلَى الْأَرْضِ لَا بُدَّ مِنْهُ، فَلَوْ حَرُمَ بِهِ لَأَدَّى إلَى أَنْ لَا يَحِلَّ طَيْرٌ أَبَدًا.

(وَإِنْ رَمَى صَيْدًا وَلَوْ) كَانَ الرَّامِي (لَيْلًا فَجَرَحَهُ وَلَوْ غَيْرَ مُوحٍ فَغَابَ عَنْ عَيْنِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا بَعْدَ يَوْمِهِ) أَيْ الَّذِي رَمَاهُ فِيهِ (وَسَهْمُهُ فَقَطْ فِيهِ) حَلَّ (أَوْ أَثَرُهُ) أَيْ السَّهْمِ بِالصَّيْدِ (وَلَا أَثَرَ بِهِ غَيْرُهُ حَلَّ) لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنِي فِي سَهْمِي؟ قَالَ: مَا رَدَّ عَلَيْكَ سَهْمُكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>