يَصِحُّ) الْيَمِينُ (إلَّا مِنْ مُكَلَّفٍ) لِأَنَّهُ قَوْلٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَالْإِقْرَارِ وَلِحَدِيثِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» (مُخْتَار) فَلَا يَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ لِحَدِيثِ «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (قَاصِدًا الْيَمِينَ) فَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ لِلْخَبَرِ (وَتَصِحُّ) الْيَمِينُ (مِنْ كَافِرٍ) وَلَوْ غَيْرَ ذِمِّيٍّ (وَتَلْزَمهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ، حَنِثَ فِي كُفْرِهِ أَوْ بَعْدَهُ) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقَسَمِ قَالَ فَيُقْسِمَانِ بِاَللَّهِ وقَوْله تَعَالَى {إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ} [التوبة: ١٢] أَيْ لَا يَفُونَ بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} [التوبة: ١٣] وَلِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ.
(وَالْحَلِفُ) خَمْسَةُ أَقْسَامٍ (مِنْهُ وَاجِبٌ مِثْلَ أَنْ يُنَجِّيَ بِهِ إنْسَانًا مَعْصُومًا مِنْ هَلَكَةٍ وَلَوْ نَفْسَهُ، مِثْلَ أَنْ تَتَوَجَّهَ أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ عَلَيْهِ وَهُوَ بَرِيءٌ) فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَلِفُ لِلْإِنْجَاءِ مِنْ الْهَلَكَةِ.
(وَ) مِنْهُ (مَنْدُوبٌ مِثْلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ مَصْلَحَةٌ مِنْ إصْلَاحٍ بَيْنَ مُتَخَاصِمَيْنِ أَوْ إزَالَةِ حِقْدٍ مِنْ قَلْبِ مُسْلِمٍ عَنْ الْحَالِفِ أَوْ) عَنْ (غَيْرِهِ أَوْ دَفْعِ شَرٍّ) عَنْ الْحَالِفِ أَوْ غَيْرِهِ.
(فَإِنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ طَاعَةٍ) كَلَيُصَلِّيَنَّ (أَوْ) عَلَى (تَرْكِ مَعْصِيَةٍ) كَلَا يَزْنِي (فَلَيْسَ بِمَنْدُوبٍ) لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ لَمْ يَكُونُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْأَغْلَبِ وَلَوْ كَانَ مَنْدُوبًا لَمْ يُخِلُّوا بِهِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى النَّذْرِ.
(وَ) مِنْهُ (مُبَاحٌ كَالْحَلِفِ عَلَى فِعْلِ مُبَاحٍ أَوْ) عَلَى (تَرْكِهِ أَوْ عَلَى الْخَبَرِ بِشَيْءٍ هُوَ صَادِقٌ فِيهِ أَوْ يَظُنُّ أَنَّهُ فِيهِ صَادِقٌ وَ) مِنْهُ (مَكْرُوهٌ كَالْحَلِفِ عَلَى فِعْلِ مَكْرُوهٍ أَوْ) عَلَى (تَرْكِ مَنْدُوبٍ) وَلَا يَلْزَمُ حَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ: وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزْيَدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تَزِيدُ عَلَى تَرْكِهَا لَوْ تَرَكَهَا لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ (وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَلِفِ الْمَكْرُوهِ (الْحَلِفُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) «الْحَلِفُ مُنْفِقٌ لِلسِّلْعَةِ مُمْحِقٌ لِلْبَرَكَةِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
(وَ) مِنْهُ (مُحَرَّمٌ وَهُوَ الْحَلِفُ كَاذِبًا عَمْدًا أَوْ عَلَى فِعْلِ مَعْصِيَةٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ وَمَتَى كَانَتْ الْيَمِينُ فِعْلَ وَاجِبٍ أَوْ تَرْكَ مُحَرَّمٍ كَانَ حِلُّهَا أَيْ حِنْثُهَا مُحَرَّمًا) لِمَا فِي الْحِنْثِ مِنْ تَرْكِ الْوَاجِبِ أَوْ فِعْلِ الْمُحَرَّمِ.
(وَيَجِبُ بِرُّهُ) لِمَا تَقَدَّمَ (إنْ كَانَتْ) الْيَمِينُ (عَلَى فِعْلِ مَنْدُوبٍ أَوْ) عَلَى (تَرْكِ مَكْرُوهٍ وَيُسْتَحَبّ بِرُّهُ) لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى بِرِّهِ مِنْ الثَّوَابِ الْحَاصِلِ بِفِعْلِ الْمَنْدُوبِ وَتَرْكِهِ الْمَكْرُوهَ (وَإِنْ كَانَتْ) الْيَمِينُ (عَلَى فِعْلِ مَكْرُوهٍ أَوْ تَرْكِ مَنْدُوبٍ فَحِلُّهَا مَنْدُوبٌ) لِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ سَمُرَةَ.
وَتَقَدَّمَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الثَّوَابِ وَتَرْكِ الْمَكْرُوهِ امْتِثَالًا وَفِعْلِ الْمَنْدُوبِ (وَيُكْرَهُ بِرُّهُ) لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ فِعْلِ الْمَكْرُوهِ وَتَرْكِ الْمَنْدُوبِ (وَإِنْ كَانَتْ) الْيَمِينُ (عَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ) لِمَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute