للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَوْلَى الْمُعْتِقُ وَالْقَادِرُ بِاكْتِسَابِهِ وَحَيْثُ أَرَادَ بِهِ غَيْرَهُ تَعَالَى لَمْ يَبْقَ يَمِينًا لِعَدَمِ تَنَاوُلهِ لِمَا يُوجِبُ الْقَسَمِ (وَمَا لَا يُعَدُّ مِنْ أَسْمَائِهِ) تَعَالَى (وَلَا يَنْصَرِفُ إطْلَاقُهُ إلَيْهِ وَيَحْتَمِلُهُ) تَعَالَى (كَالشَّيْءِ وَالْمَوْجُودِ وَالْحَيِّ وَالْعَالِمِ وَالْمُؤْمِنِ وَالْوَاحِدِ وَالْمُكْرِمِ وَالشَّاكِرِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ اللَّهَ) .

لَمْ يَكُنْ يَمِينًا (أَوْ نَوَى) بِهِ (غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى (لَمْ يَكُنْ يَمِينًا) لِأَنَّ الْحَلِفُ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ لَمْ يُقْصَدْ وَلَا اللَّفْظُ ظَاهِرٌ فِي إرَادَتِهِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ عَلَى الْحَالِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَإِنْ نَوَاهُ) أَيْ نَوَى بِهِ اللَّه تَعَالَى (كَانَ يَمِينًا) لِأَنَّهُ نَوَى بِلَفْظِهِ مَا يَحْتَمِلهُ فَكَانَ يَمِينًا كَقَوْلِهِ: وَالرَّحِيمِ وَالْقَادِرِ (وَإِنْ قَالَ وَحَقِّ اللَّهِ وَعَهْدِ اللَّهِ وَاسْمِ اللَّهِ وَأَيْمُنِ - جَمْعُ يَمِينٍ - وَأَمَانَةُ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ وَجَلَالِهِ وَنَحْوِهِ) نَحْوُ عَظَمَتِهِ.

(فَهُوَ يَمِينٌ) تَجِبُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ بِشَرْطِ الْحِنْثِ لِإِضَافَتِهَا إلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَاسْمٍ كَايْمُنٍ وَهَمْزَتُهُ هَمْزَةُ وَصْلٍ تُفْتَحُ وَتُكْسَرُ وَمِيمُهُ مَضْمُومَةٌ وَقَالُوا ايْمُنُ اللَّهِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَالنُّونِ مَعَ كَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا.

وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ أَلِفُهَا أَلْفُ قَطْعٍ وَهِيَ جَمْعُ يَمِينٍ فَكَانُوا يَحْلِفُونَ بِالْيَمِينِ فَيَقُولُونَ وَيَمِينِ اللَّهِ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْيُمْنِ وَالْبَرَكَةِ (وَكَذَا) قَوْلُهُ (عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ) يَكُون يَمِينًا لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَيُكْرَهُ الْحَلِفُ بِالْأَمَانَةِ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ بُرَيْدَةَ مَرْفُوعًا قَالَ «لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ» وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ قَالَ الزَّرْكَشِيّ ظَاهِرُ الْأَثَرِ وَالْحَدِيثِ التَّحْرِيمُ فَلِذَلِكَ قَالَ (كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ) لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمُنْتَهَى كَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ (وَإِنْ قَالَ وَالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ وَسَائِرِ ذَلِكَ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَلْفَاظِ الصِّفَاتِ (كَالْأَمَانَةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْجَلَالِ وَالْعِزَّةِ وَلَمْ يُضِفْهُ إلَى اللَّهِ) تَعَالَى (لَمْ يَكُنْ يَمِينًا) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ غَيْرَ اللَّهِ فَلَمْ يَكُنْ يَمِينًا كَالْمَوْجُودِ (إلَّا أَنْ يَنْوِي صِفَةَ اللَّهِ) تَعَالَى فَيَكُونَ يَمِينًا لِأَنَّ النِّيَّةَ تَجْعَلُ الْعَهْدَ وَنَحْوَهُ كَأَمَانَةِ اللَّهِ فَقَدْ حَلَفَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِنْ قَالَ لَعَمْرُ اللَّهِ كَانَ يَمِينًا) أَقْسَمَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُمَا كَالْحَلِفِ بِبَقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ) لِقَوْلِهِ لَعَمْرُ اللَّهِ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ (وَمَعْنَاهُ الْحَلِفُ بِبَقَاءِ اللَّهِ وَحَيَاتِهِ) لِأَنَّ الْعَمْرَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا الْحَيَاةُ وَاسْتُعْمِلَ فِي الْقَسَمِ الْمَفْتُوحِ خَاصَّةً وَاللَّامُ لِلِابْتِدَاءِ وَعُمَرُ مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وُجُوبًا تَقْدِيرُهُ قَسَمِي.

(وَإِنْ حَلَفَ بِكَلَامِ اللَّهِ) فَهُوَ يَمِينٌ لِأَنَّهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ (أَوْ) حَلَفَ (بِالْمُصْحَفِ) فَهُوَ يَمِينٌ وَلَمْ يَكْرَهْ أَحْمَدُ الْحَلِفَ بِالْمُصْحَفِ لِأَنَّ الْحَالِفَ إنَّمَا قَصَدَ الْمَكْتُوبَ فِيهِ وَهُوَ الْقُرْآنُ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَمَّا بَيْنَ دَفَّتِي الْمُصْحَفِ بِالْإِجْمَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>