للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] (إلَّا بِشَرْطٍ) بِأَنْ يَقُولَ: مُتَتَابِعَةٍ (أَوْ نِيَّةٍ) فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِنَذْرِهِ وَإِنْ شَرَطَ تَفْرِيقَهَا لَزِمَهُ فِي الْأَقْيَسِ، ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ.

(وَإِنْ نَذَرَ صِيَامًا مُتَتَابِعًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ) كَعَشْرَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ (فَأَفْطَرَ) فِي أَثْنَائِهَا (لِمَرَضٍ يَجِبُ مَعَهُ الْفِطْرُ) بِأَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ بِالصَّوْمِ (أَوْ) أَفْطَرَ لِ (حَيْضٍ خُيِّرَ بَيْنَ اسْتِئْنَافِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَنْذُورِ عَلَى وَجْهِهِ (وَبَيْنَ الْبِنَاءِ عَلَى صَوْمِهِ فَيُكَفِّرُ) لِمُخَالَفَتِهِ فِيمَا نَذَرَهُ (وَإِنْ أَفْطَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ) ضَرُورَةً لِلْوَفَاءِ بِالتَّتَابُعِ (بِلَا كَفَّارَةٍ) لِأَنَّهُ فَعَلَ الْمَنْذُورَ وَعَلَى وَجْهِهِ (وَإِنْ أَفْطَرَ) النَّاذِرُ صِيَامًا مُتَتَابِعًا (لِسَفَرٍ أَوْ مَا يُبِيحُ الْفِطْرَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ) لِأَنَّهُ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ أَشْبَهَ الْمَرَضَ الَّذِي يَجِبُ مَعَهُ الْفِطْرُ.

(وَإِنْ نَذَرَ صِيَامًا فَعَجَزَ عَنْهُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ نَذَرَهُ) أَيْ الصِّيَامَ فِي حَالِ عَجْزِهِ (أَطْعَمَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَكَفَّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ) لِأَنَّ سَبَبَ الْكَفَّارَةِ عَدَمُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ وَالْإِطْعَامِ لِلْعَجْزِ عَنْ وَاجِب الصَّوْمِ، فَقَدْ اخْتَلَفَ السَّبَبَانِ وَاجْتَمَعَا فَلَمْ يَسْقُطْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِعَدَمِ مَا يُسْقِطُهُ (وَإِنْ عَجَزَ) النَّاذِرُ عَنْ الصَّوْمِ (لِعَارِضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ انْتَظَرَ زَوَالَهُ) كَالْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ (وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَلَا غَيْرُهَا) إذَا لَمْ يَكُنِ النَّذْرُ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَفَاتَ مَحَلَّهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ صَارَ) الْمَرَضُ (غَيْرَ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ صَارَ) النَّاذِرُ (إلَى الْكَفَّارَةِ وَالْفِدْيَةِ) فِي الْإِطْعَامِ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا كَمَا لَوْ كَانَ ابْتَدَأَ بِذَلِكَ.

(وَإِنْ نَذَرَ صَلَاةً وَنَحْوَهَا) كَطَوَافٍ (وَعَجَزَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَقَطْ) وَظَاهِرُ هَذَا انْعِقَادُ نَذْرِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُطِقْهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» وَلَوْلَا انْعِقَادُ نَذْرِهِ لَمْ تَجِبْ فِيهِ كَفَّارَةٌ (وَإِنْ نَذَرَ حَجًّا لَزِمَهُ) صَحِيحًا كَانَ أَوْ مَعْضُوبًا، وَيَحُجُّ عَنْهُ وَإِنْ أَطَاقَ الْبَعْضَ أَتَى بِهِ وَكَفَّرَ لِلْبَاقِي.

(وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ أَوْ الرُّكُوبَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ أَوْ) إلَى (مَوْضِعٍ مِنْ الْحَرَمِ كَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَبِي قُبَيْسٍ أَوْ مَكَّةَ وَأَطْلَقَ) فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَيْءٍ (أَوْ قَالَ: غَيْرُ حَاجٍّ وَلَا مُعْتَمِرٍ لَزِمَهُ إتْيَانُهُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» (فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) لِأَنَّ الْمَشْيَ إلَيْهِ فِي الشَّرْعِ هُوَ الْمَشْيُ إلَيْهِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَيُحْمَلُ النَّذْرُ عَلَى الْمَعْهُودِ الشَّرْعِيِّ، وَيُلْغَى مَا يُخَالِفُهُ (مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ أَيْ مَكَانِهِ الَّذِي نَذَرَ فِيهِ) كَمَا فِي حَجِّ الْفَرْضِ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّ يُحْمَلُ عَلَى الْمَشْرُوعِ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>