قَصَّرَهُ لِرَبِّهِ (وَبَعْدَهُ) أَيْ وَإِنْ قَصَّرَهُ بَعْدَ جُحُودِهِ (لَا) أُجْرَةَ لَهُ (لِأَنَّهُ قَصَّرَهُ لِنَفْسِهِ، وَسَأَلَ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ) (قَوْمًا) مِنْ أَصْحَابِهِ (عَنْ بَيْعِ رَطْلِ تَمْرٍ بِرَطْلِ تَمْرٍ فَقَالُوا: يَجُوزُ، فَخَطَّأَهُمْ فَقَالُوا: لَا فَخَطَّأَهُمْ) فَخَجِلُوا (فَقَالَ: إنْ تَسَاوَيَا كَيْلًا جَازَ) فَهَذَا يُوَضِّحُ خَطَأَ الْمُطْلِقِ فِي كُلِّ مَا يَحْتَمِلُ التَّفْصِيل قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ عَنْ قَوْلِ ابْنِ عَقِيلٍ: الْمَذْكُورِ كَذَا قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ عَمَلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا بِظَاهِرِهِ انْتَهَى قُلْتُ وَلَمْ يَزَلْ الْعُلَمَاءُ يُجِيبُونَ بِحَسْبِ مَا يَظْهَرُ لَهُمْ مِنْ الْمُتَبَادَرِ إلَى الْفَهْمِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ جِبْرِيلَ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ السُّؤَالُ عَنْ حَقَائِقِهَا أَوْ شُرُوطِهَا أَوْ أَرْكَانِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهَا.
(وَلَا يَجُوزُ) لِلْمُفْتِي (أَنْ يُلْقِيَ السَّائِلَ فِي الْحَيْرَةِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ فِي مَسْأَلَةٍ فِي الْفَرَائِضِ: تُقْسَمُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ) تَعَالَى (أَوْ يَقُولَ فِيهَا) أَيْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا (قَوْلَانِ وَنَحْوُهُ) مِمَّا لَا يُنَافِيهِ (بَلْ يُبَيِّنُ لَهُ بَيَانًا مُزِيلًا لِلْإِشْكَالِ) لِأَنَّ الْفُتْيَا تَبْيِينُ الْحُكْمِ كَمَا تَقَدَّمَ (لَكِنْ لَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُفْتِي (أَنْ يَذْكُرَ الْمَانِعَ فِي الْمِيرَاثِ مِنْ الْكُفْرِ وَغَيْرِهِ) كَالرِّقِّ وَاخْتِلَافِ الدِّينِ (وَكَذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْعُقُودِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَالْبَيْعِ وَالصُّلْحِ وَنَحْوِهِمَا (فَلَا يَجِبُ) عَلَى الْمُفْتِي (أَنْ يَذْكُرَ الْجُنُونَ وَالْإِكْرَاهَ وَنَحْوَ ذَلِكَ) مِنْ الصِّغَرِ وَعَدَمِ مَعْرِفَةِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ، وَهُوَ الصِّحَّةُ.
(وَالْعَامِّيُّ يُخَيَّرُ فِي فَتْوَاهُ فَيَقُولُ) الْمُفْتِي: (مَذْهَبُ فُلَانٍ كَذَا) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْعَامِّيَّ يَتَخَيَّرُ وَإِنْ لَمْ يُخَيَّرْ وَإِنْ لَمْ يُخَيِّرْهُ الْمُفْتِي.
(وَيُقَلِّدُ الْعَامِّيُّ مَنْ عَرَفَهُ عَالِمًا عَدْلًا أَوْ رَآهُ مُنْتَصِبًا) لِلتَّدْرِيسِ وَالْإِفْتَاءِ (مُعَظَّمًا) لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى فَضْلِهِ (وَلَا يُقَلِّدُ مَنْ عَرَفَهُ جَاهِلًا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَيَكْفِيهِ) أَيْ الْعَامِّيَّ (قَوْلُهُ عَدْلٌ خَبِيرٌ) بِمَا أَفْتَاهُ فِيهِ كَسَائِرِ الْأَخْبَارِ الدِّينِيَّةِ (قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ يَجِبُ سُؤَالُ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْخَيْرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] (فَإِنْ جَهِلَ عَدَالَتَهُ لَمْ يَجُزْ تَقْلِيدُهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَرْطُ جَوَازِ التَّقْلِيدِ (وَيُقَلِّدُ) الْمُجْتَهِدُ الْعَدْلُ وَلَوْ (مَيِّتًا وَهُوَ كَالْإِجْمَاعِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ وَقَبْلِهَا) لِأَنَّ قَوْلَهُ بَاقٍ فِي الْإِجْمَاعِ كَالْحَاكِمِ، وَالشَّاهِدُ لَمْ يَبْطُلْ حُكْمُهُ وَلَا شَهَادَتُهُ بِمَوْتِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْمَذَاهِبُ لَا تَمُوتُ بِمَوْتِ أَرْبَابِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَيْسَ لَهُ أَيْ لِلْعَامِّيِّ التَّمَذْهُبُ بِمَذْهَبِ أَحَدِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَإِنْ كَانُوا أَعْلَمَ وَأَعْلَى دَرَجَةً مِمَّنْ بَعْدَهُمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَفَرَّغُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute