وَهُوَ إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ (انْحَرَفَ) إلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ إلَيْهَا لِأَنَّهَا تَرَجَّحَتْ فِي ظَنِّهِ فَتَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ (وَأَتَمَّ) صَلَاتَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يَنْقُضُ الِاجْتِهَادَ (وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُجْتَهِدِينَ اللَّذَيْنِ ائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، ثُمَّ بَانَ لِأَحَدِهِمَا الْخَطَأُ (الْمُفَارَقَةَ) لِإِمَامِهِ (لِلْعُذْرِ) الْمَانِعِ مِنْ اقْتِدَائِهِ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَتْبَعُهُ مَنْ قَلَّدَهُ) أَيْ: يَلْزَمُ مَنْ قَلَّدَ الْمُجْتَهِدَ الَّذِي تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ أَنْ يَتْبَعَهُ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي بَانَتْ لَهُ لِأَنَّ فَرْضَهُ التَّقْلِيدُ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ.
(فَإِنْ اجْتَهَدَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَجْتَهِدْ الْآخَرُ لَمْ يَتْبَعْهُ) حَيْثُ كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاجْتِهَادِ، بَلْ يَجْتَهِدُ.
(وَيَتْبَعُ) وُجُوبًا (جَاهِلٌ بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ) وَإِنْ كَانَ عَالِمًا فِي الْأَحْكَامِ: أَوْثَقَ الْمُجْتَهِدَيْنِ.
(وَ) يَتْبَعُ (أَعْمَى وُجُوبًا أَوْثَقَهُمَا) أَيْ الْمُجْتَهِدَيْنِ (فِي نَفْسِهِ عِلْمًا بِدَلَائِلِ الْقِبْلَةِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لِأَنَّ الْأَقْرَبَ إصَابَةٌ فِي نَظَرِهِ، وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي مُتَابَعَتِهِ وَقَدْ كُلِّفَ الْإِنْسَانُ فِي ذَلِكَ بِاتِّبَاعِ غَالِبِ ظَنِّهِ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: بِخِلَافِ تَكْلِيفِ الْعَامِّيِّ تَقْلِيدُ الْأَعْلَمِ فِي الْأَحْكَامِ، فَأَنَّ فِيهِ حَرَجًا وَتَضْيِيقًا، ثُمَّ مَا زَالَ عَوَامُّ كُلِّ عَصْرٍ يُقَلِّدُ أَحَدُهُمْ لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ فِي مَسْأَلَةٍ، وَلِلْآخَرِ فِي أُخْرَى وَالثَّالِثِ فِي ثَالِثَةٍ وَهَكَذَا وَهَكَذَا كَذَلِكَ إلَى مَا لَا يُحْصَى وَلَمْ يَنْقُلْ إنْكَارَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَلَا أَنَّهُمْ أُمِرُوا بِتَحَرِّي الْأَعْلَمِ وَالْأَفْضَلِ فِي نَظَرِهِمْ.
(فَإِنْ تَسَاوَيَا) أَيْ: الْمُجْتَهِدَانِ (عِنْدَهُ) أَيْ: عِنْدَ الْجَاهِلِ بِأَدِلَّتِهَا أَوْ الْأَعْمَى خُيِّرَ فَيُقَلِّدُ أَيَّهُمَا شَاءَ، (لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَفْضَلِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ) حَتَّى يَتَرَجَّحَ عَلَيْهِ (فَإِنْ أَمْكَنَ الْأَعْمَى الِاجْتِهَادَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَدِلَّةِ) كَالْأَنْهَارِ الْكِبَارِ غَيْرِ الْمَحْدُودَةِ وَالْجِبَالِ وَمَهَبَّاتِ الرِّيَاحِ (لَزِمَهُ) الِاجْتِهَادُ (وَلَمْ يُقَلِّدْ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاجْتِهَادِ.
(وَإِذَا صَلَّى الْبَصِيرُ فِي حَضَرٍ فَأَخْطَأَ، أَوْ) صَلَّى (الْأَعْمَى بِلَا دَلِيلٍ) بِأَنْ لَمْ يَسْتَخْبِرْ مَنْ يُخْبِرُهُ، وَلَمْ يَلْمِسْ الْمِحْرَابَ وَنَحْوَهُ، مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَعْرِفَ بِهِ الْقِبْلَةَ (أَعَادَا) وَلَوْ أَصَابَا أَوْ اجْتَهَدَ الْبَصِيرُ، لِأَنَّ الْحَضَرَ لَيْسَ بِمَحِلِّ اجْتِهَادٍ، لِقُدْرَةِ مَنْ فِيهِ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِالْمَحَارِيبِ وَنَحْوِهَا وَلِوُجُودِ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ يَقِينٍ غَالِبًا وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ عَلَيْهِمَا لِتَفْرِيطِهِمَا بِعَدَمِ الِاسْتِخْبَارِ، أَوْ الِاسْتِدْلَالِ بِالْمَحَارِيبِ، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.
(فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْأَعْمَى) مَنْ يُقَلِّدُهُ (أَوْ) لَمْ يَجِدْ (الْجَاهِلُ) مَنْ يُقَلِّدُهُ (أَوْ) لَمْ يَجِدْ (الْبَصِيرُ الْمَحْبُوسُ وَلَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مَنْ يُقَلِّدُهُ صَلَّى بِالتَّحَرِّي) إلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ جِهَةُ الْقِبْلَةِ (وَلَمْ يُعِدْ) أَخْطَأَ أَوْ أَصَابَ، لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ، فَسَقَطَتْ عَنْهُ الْإِعَادَةُ كَالْعَاجِزِ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ.
(وَمَنْ صَلَّى بِالِاجْتِهَادِ) إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ (أَوْ التَّقْلِيدِ) إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلَ اجْتِهَادٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute