للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَثَرُ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ فَلَا يَحْكُمُ بِالصِّحَّةِ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ وَقِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْإِقْرَارِ) أَيْ فِي الْحُكْمِ بِهِ.

(وَالْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ وَنَحْوِهِ) كَالنُّكُولِ (فَالْحُكْمُ بِمُوجَبِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْحُكْمُ بِمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مُوجَبُهُ.

(وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ لَا يَشْمَلُ الْفَسَادَ انْتَهَى) وَمَعْنَاهُ مَا ذَكَرَ السُّبْكِيّ أَيْضًا قَوْلَ مَنْ قَالَ مُوجَبُهُ يَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ وَالْفَسَادَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ اللَّفْظَ الصَّحِيحَ يُوجِبُ حُكْمًا، وَاللَّفْظَ الْفَاسِدَ لَا يُوجِبُ شَيْئًا قَالَ فِي التَّنْقِيحِ بَعْدَ مَا سَبَقَ (وَالْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ وَقَالُوا) أَيْ الْأَصْحَابُ.

(الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ) فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ لَا يَرَاهُ نَقْضُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مُوجَبٌ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُوجَبَ حُكْمٌ عَلَى الْعَاقِدِ يَقْتَضِي عَقْدَهُ لَا حُكْمَ بِالْعَقْدِ وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَذَكَرَ الْغَزِّيِّ فُرُوقًا بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَبَيْنَ الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ مِنْهَا مَا سَبَقَ وَمِنْهَا أَنَّ الْعَقْدَ إذَا كَانَ صَحِيحًا بِالِاتِّفَاقِ وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِي مُوجَبِهِ.

فَالْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْعَمَلِ بِمُوجَبِهِ عِنْدَ غَيْرِ الَّذِي حَكَمَ بِالصِّحَّةِ وَلَوْ حَكَمَ الْأَوَّلُ فِيهِ بِالْمُوجَبِ امْتَنَعَ الْعَمَلُ عَلَى الثَّانِي مِثَالُهُ التَّدْبِيرُ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي مَنْعِهِ الْبَيْعَ خِلَافٌ فَإِذَا حَكَمَ بِصِحَّةِ التَّدْبِيرِ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا مِنْ بَيْعِهِ لِمَنْ يَرَاهُ وَإِنْ حَكَمَ بِمُوجَبِهِ مَنْ لَا يَرَى بَيْعَهُ مَنَعَ الْبَيْعَ وَمِنْهَا أَنَّ كُلَّ دَعْوَى كَانَ الْمَطْلُوبُ فِيهَا إلْزَامُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِيهَا بِالْإِلْزَامِ هُوَ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ وَلَا يَكُونُ بِالصِّحَّةِ لَكِنْ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ إقْرَارًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَمِنْهَا بِالْحُكْمِ عَلَى الزَّانِي وَالسَّارِقِ بِمُوجَبِ الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ لَا يَدْخُلُهُ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ وَمِنْهَا أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجَبِ يَتَضَمَّنُ أَشْيَاءَ لَا يَتَضَمَّنُهَا الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ فَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ عَقْدِ الْبَيْعِ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ إثْبَاتُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَلَا فَسْخُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ حُكِمَ بِمُوجَبِهِ وَالْإِلْزَامُ بِمُقْتَضَاهُ امْتَنَعَ التَّمْكِينُ مِنْ الْفَسْخِ انْتَهَى.

وَقَدْ صَنَّفَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ أَبُو زُرْعَةَ الْعِرَاقِيُّ الشَّافِعِيُّ وُرَيْقَاتٍ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ وَأَوْرَدَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مُحَمَّدٌ الْفَتُوحِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْمُنْتَهَى وَهِيَ نَافِعَةٌ جَيِّدَةٌ مُوضِحَةٌ لِمَا سَبَقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>