التَّصَرُّفِ.
(ثُمَّ يَنْظُرُ فِي أَمْرِ الضَّوَالِّ وَاللُّقَطِ الَّتِي يَتَوَلَّى الْحَاكِمُ حِفْظَهَا) لِئَلَّا تَضِيعَ (فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُخَافُ تَلَفُهُ كَالْحَيَوَانِ أَوْ) كَانَ (فِي حِفْظِهَا مُؤْنَةٌ بَاعَهَا وَحَفِظَ ثَمَنَهَا لِأَرْبَابِهَا) لِأَنَّهُ أَحَظُّ لَهُمْ (وَإِنْ كَانَتْ أَثْمَانًا حَفِظَهَا لِأَرْبَابِهَا وَيَكْتُبُ عَلَيْهَا) لُقَطَةً أَوْ نَحْوَهُ (لِتُعْرَفَ) وَلَا تَشْتَبِهُ بِغَيْرِهَا (ثُمَّ يَنْظُرُ فِي حَالِ الْقَاضِي قَبْلَهُ إنْ شَاءَ وَلَا يَجِبُ) عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الظَّاهِر صِحَّةُ قَضَايَا مَنْ قَبْلَهُ.
(فَإِنْ كَانَ) مَنْ قَبْلَهُ (مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ) لَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْقُضَ مِنْ أَحْكَامِهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى نَقْضِ الْحُكْمِ بِمِثْلِهِ وَيُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمٌ أَصْلًا (إلَّا مَا يُخَالِفُ نَصَّ كِتَابِ) اللَّهِ تَعَالَى (أَوْ) نَصَّ (سُنَّةِ مُتَوَاتِرَةٍ أَوْ آحَادٍ كَقَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ وَلَوْ مُلْتَزِمًا فَيَلْزَمُ نَقْضُهُ نَصًّا وَ) .
كَذَا (جَعْلَ مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ) لِفَلَسٍ (أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فَيُنْقَضُ نَصًّا) لِأَنَّهُ قَضَاءٌ لَمْ يُصَادِفْ شَرْطَهُ فَوَجَبَ نَقْضُهُ كَمَا لَوْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ لِأَنَّ شَرْطَ الِاجْتِهَادِ عَدَمُ مُخَالِفَةِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ بِدَلِيلِ خَبَر مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَلِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَقَدْ فَرَّطَ فَوَجَبَ نَقْضُ حُكْمِهِ، كَمَا لَوْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ.
(وَلَوْ زَوَّجَتْ) الْمَرْأَةُ (نَفْسَهَا) وَحَكَمَ بِهِ مَنْ يَرَاهُ (لَمْ يُنْقَضْ) حُكْمُهُ لِاخْتِلَافِ الْأَئِمَّةِ فِي صِحَّتِهِ (أَوْ خَالَفَ مَا) حُكِمَ بِهِ (إجْمَاعًا قَطْعِيًّا) فَيُنْقَضُ لِعَدَمِ مُصَادَفَتِهِ شَرْطِهِ لِمَا تَقَدَّمَ وَ (لَا) يُنْقَضُ مَا خَالَفَ إجْمَاعًا (ظَنِّيًّا وَيُنْقَضُ حُكْمُهُ بِمَا لَمْ يَعْتَقِدْهُ) إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا بِخِلَافِ الْمُقَلِّدِ وَتَقَدَّمَ (وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَحَكَاهُ الْقَرَافِيُّ إجْمَاعًا وَيَأْثَمُ وَيَعْصَى بِذَلِكَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: ١٠٥] .
(وَلَوْ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لَمْ يُنْقَضْ وَحَكَاهُ الْقَرَافِيُّ أَيْضًا إجْمَاعًا) وَيَأْتِي فِي أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي الْمَالِ» (وَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ بِعَدَمِ عِلْمِهِ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا لِ) لِلْإِمَامِ (مَالِكٍ) لِأَنَّ عِلْمَهُ بِالْخِلَافِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ وَلَا بُطْلَانِهِ حَيْثُ وَافَقَ مُقْتَضَى الشَّرْعِ.
(وَلَا) يُنْقَضُ حُكْمُهُ أَيْضًا (لِمُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ وَلَوْ) كَانَ الْقِيَاسُ (جَلِيًّا) لِأَنَّ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مَا وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ (وَحَيْثُ قُلْنَا بِنَقْضِ) الْحُكْمِ (فَالنَّاقِضُ لَهُ حَاكِمُهُ إنْ كَانَ) مَوْجُودًا (فَيَثْبُتُ السَّبَبُ) الْمُقْتَضَى عِنْدَهُ (وَيَنْقُضُهُ) حَاكِمُهُ دُونَ غَيْرِهِ.
وَقَالَ الْغَزِّيِّ: إذَا قَضَى بِخِلَافِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ هَذَا بَاطِلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْقُضَاةِ نَقْضُهُ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ انْتَهَى قُلْتُ وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ النَّاقِضَ لَهُ حَاكِمُهُ إنْ كَانَ لَا يَتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا حَكَمَ بِقَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ أَوْ بِجَعْلِ مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مُفْلِسٍ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ يَرَاهُ وَإِنَّمَا يَنْقُضُهُ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute