«إنَّ الطَّيْرَ لَتَخْفِقُ بِأَجْنِحَتِهَا وَتَرْمِي مَا فِي حَوَاصِلِهَا مِنْ هَوْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِنَّ شَاهِدَ الزُّورِ لَا تَزُولُ قَدَمَاهُ حَتَّى يَتَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ فَإِنْ صَدَقْتُمَا فَاثْبُتَا وَإِنْ كَذَبْتُمَا فَغَطِّيَا رُءُوسَكُمَا وَانْصَرِفَا؛ فَغَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَانْصَرَفَا» .
(وَإِنْ جَرَحَهُمَا الْخَصْمُ لَمْ يَقْبَلْ) الْحَاكِمُ (مِنْهُ) التَّجْرِيحَ بِمُجَرَّدِهِ (وَيُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ بِالْجَرْحِ) لِيَتَحَقَّقَ صِدْقُهُ أَوْ كَذِبُهُ.
(فَإِنْ سَأَلَ) الْمُجَرِّحُ (الْإِنْظَارَ) لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ (أُنْظِرَ ثَلَاثًا) أَيْ تَكْلِيفُهُ إقَامَتَهَا فِي أَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ يَشُقُّ وَيَعْسُرُ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُمَا شَهِدَا بِذَلِكَ عِنْدَ قَاضٍ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا لِفِسْقِهِمَا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ الشَّهَادَة الْمَرْدُودَةَ لِفِسْقٍ لَا تُقْبَلُ بَعْدُ.
(وَكَذَا لَوْ أَرَادَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (جَرْحَهُمْ) أَيْ الشُّهُودِ فَيُنْظَرُ لِذَلِكَ ثَلَاثًا (وَلِلْمُدَّعِي مُلَازَمَتُهُ) لِأَنَّ حَقَّهُ قَدْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي مَا يُسْقِطُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (فَإِنْ لَمْ يَأْتِ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِبَيِّنَةٍ) بِالْجَرْحِ (حَكَمَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ وَضَحَ عَلَى وَجْهٍ لَا إشْكَالَ فِيهِ (وَلَا يُسْمَعُ الْجَرْحُ إلَّا مُفَسَّرًا بِمَا يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ عَنْ رُؤْيَةٍ فَيَقُولُ) الشَّاهِدُ بِالْجَرْحِ (أَشْهَد أَنِّي رَأَيْتُهُ يَشْرَبُ الْخَمْرَ أَوْ يَظْلِمُ النَّاسَ بِأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ أَوْ ضَرَبِهِمْ أَوْ يُعَامِلُ بِالرِّبَا أَوْ) عَنْ سَمَاعٍ مِنْهُ بِأَنْ يَقُولَ (سَمِعْتُهُ يَقْذِفُ أَوْ عَنْ اسْتِفَاضَةٍ) لِأَنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ فِي أَسْبَابِ الْجَرْحِ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي شَارِبِ يَسِيرِ النَّبِيذِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَقْبَلَ مُجَرَّدَ الْجَرْحِ لِئَلَّا يَجْرَحَهُ بِمَا لَا يَرَاهُ الْقَاضِي جَرْحًا (فَلَا يَكْفِي أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنَّهُ فَاسِقٌ أَوْ لَيْسَ بِعَدْلٍ وَلَا قَوْلُهُ بَلَغَنِي عَنْهُ كَذَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦] .
(لَكِنْ يُعَرِّضُ لِجَارِحٍ بِزِنًا) لِئَلَّا يَجِبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ (فَإِنْ صَرَّحَ) بِالرَّمْيِ بِالزِّنَا (حُدَّ) لِلْقَذْفِ بِشَرْطِهِ (إنْ لَمْ يَأْتِ بِتَمَامِ أَرْبَعَةِ شُهُودٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ٤] الْآيَةُ -.
(وَلَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ مِنْ النِّسَاءِ) لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ أَشْبَهَ الشَّهَادَةَ فِي الْقِصَاصِ (وَإِنْ عَدَّلَهُ اثْنَانِ فَأَكْثَرَ وَجَرَحَهُ وَاحِدٌ قَدَّمَ التَّعْدِيلَ) لِتَمَامِ نِصَابِهِ (وَإِنْ عَدَّلَهُ اثْنَانِ وَجَرَّحَهُ اثْنَانِ قَدَّمَ الْجَرْحَ وُجُوبًا) لِأَنَّ مَعَ شَاهِدَيْهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ يُمْكِنُ خَفَاؤُهَا عَنْ شَاهِدَيْ التَّعْدِيلِ (وَإِنْ قَالَ الَّذِينَ عَدَّلُوا مَا جَرَّحَاهُ بِهِ قَدْ تَابَ مِنْهُ قَدَّمَ التَّعْدِيلَ) لِمَا مَعَ بَيِّنَتِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ (فَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute