يُعْتَبَرُ أَنْ يَقُولَ: أُصَلِّي الظُّهْرَ فَرْضًا أَوْ مُعَادَةً، فِيمَا إذَا كَانَتْ مُعَادَةً كَمَا فِي مُخْتَصِرِ الْمُقْنِعِ، كَالَّتِي قَبْلَهَا (وَلَا) تُشْتَرَطُ نِيَّةُ (أَدَاءً فِي حَاضِرَةٍ) لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا يَنْوِيهَا أَدَاءً فَبَانَ وَقْتُهَا قَدْ خَرَجَ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةً وَتَقَعُ قَضَاءً، وَكَذَلِكَ لَوْ نَوَاهَا قَضَاءً فَبَانَ فِعْلُهَا فِي وَقْتِهَا وَقَعَتْ أَدَاءً.
قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (وَيَصِحُّ قَضَاءٌ بِنِيَّةِ أَدَاءٍ) إذَا بَانَ خِلَافُ ظَنِّهِ.
(وَ) يَصِحُّ (عَكْسُهُ) أَيْ: الْأَدَاءُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ (إذَا بَانَ خِلَافُ ظَنِّهِ) كَمَا تَقَدَّمَ، وَ (لَا) يَصِحُّ ذَلِكَ (مَعَ الْعِلْمِ) وَقَصْدِ مَعْنَاهُ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ، لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ (وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ ظُهْرَانِ) مَثَلًا (حَاضِرَةٌ وَفَائِتَةٌ، فَصَلَّاهُمَا، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ تَرَكَ شَرْطًا) أَوْ رُكْنًا (فِي إحْدَاهُمَا لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا) بِأَنْ لَمْ يَدْرِ، أَهِي الْفَائِتَةُ أَوْ الْحَاضِرَةُ (صَلَّى ظُهْرًا وَاحِدَةً يَنْوِي بِهَا مَا عَلَيْهِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْأَدَاءِ فِي الْحَاضِرَةِ، وَالْقَضَاءِ فِي الْفَائِتَةِ.
(وَلَوْ كَانَ الظُّهْرَانِ فَائِتَتَيْنِ فَنَوَى ظُهْرًا مِنْهُمَا) وَلَمْ يُعَيِّنْهَا (لَمْ تُجْزِهِ) الظُّهْرُ الَّتِي صَلَّاهَا (عَنْ إحْدَاهُمَا حَتَّى يُعَيِّنَ السَّابِقَةَ، لِأَجْلِ) اعْتِبَارِ (التَّرْتِيبِ) بَيْنَ الْفَوَائِتِ (بِخِلَافِ الْمَنْذُورَتَيْنِ) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ السَّابِقَةِ مِنْ اللَّاحِقَةِ، لِأَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ بَيْنُهُمَا (وَلَوْ ظَنَّ) مُكَلَّفٌ (أَنَّ عَلَيْهِ ظُهْرًا فَائِتَةً فَقَضَاهَا فِي وَقْتِ ظُهْرِ الْيَوْمِ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لَمْ تُجِزْهُ) الظُّهْرُ الَّتِي صَلَّاهَا (عَنْ) الظُّهْرِ (الْحَاضِرَةِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى قَضَاءَ عَصْرٍ.
وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (وَكَذَا لَوْ نَوَى ظُهْرَ الْيَوْمِ فِي وَقْتِهَا وَعَلَيْهِ فَائِتَةٌ) لَمْ تُجِزْهُ عَنْهَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يُشْتَرَطُ إضَافَةُ الْفِعْلِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا) بِأَنْ يَقُولَ: أُصَلِّي لِلَّهِ أَوْ أَصُومُ لِلَّهِ وَنَحْوَهُ لِأَنَّ الْعِبَادَاتِ لَا تَكُونُ إلَّا لِلَّهِ (بَلْ يُسْتَحَبُّ) ذَلِكَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (وَيَأْتِي بِالنِّيَّةِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) إمَّا مُقَارِنَةً لَهَا أَوْ مُتَقَدِّمَةً عَلَيْهَا بِيَسِيرٍ وَمُقَارَنَتُهَا لِلتَّكْبِيرِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالتَّكْبِيرِ عَقِبَ النِّيَّةِ.
وَهَذَا مُمْكِنٌ لَا صُعُوبَةَ فِيهِ، بَلْ عَامَّةُ النَّاسِ إنَّمَا يُصَلُّونَ هَكَذَا.
وَأَمَّا تَفْسِيرُ الْمُقَارَنَةِ: بِانْبِسَاطِ أَجْزَاءِ النِّيَّةِ عَلَى أَجْزَاءِ التَّكْبِيرِ، بِحَيْثُ يَكُونُ أَوَّلُهَا مَعَ أَوَّلِهِ وَآخِرُهَا مَعَ آخِرِهِ فَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي عُزُوبَ النِّيَّةِ عَنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ، وَخُلُوَّ أَوَّلِ الصَّلَاةِ عَنْ النِّيَّةِ الْوَاجِبَةِ وَتَفْسِيرَهَا بِحُضُورِ جَمِيعِ النِّيَّةِ مَعَ حُضُورِ جَمِيعِ أَجْزَاءِ التَّكْبِيرِ، فَهَذَا قَدْ نُوزِعَ فِي إمْكَانِهِ فَضْلًا عَنْ وُجُوبِهِ وَلَوْ قِيلَ بِإِمْكَانِهِ فَهُوَ مُتَعَسِّرٌ، فَيَسْقُطُ بِالْحَرَجِ وَأَيْضًا فَمَا يُبْطِلُ هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ الْمُكَبِّرَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَدَبَّرَ التَّكْبِيرَ وَيَتَصَوَّرَهُ فَيَكُونُ قَلْبُهُ مَشْغُولًا بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ لَا بِمَا يَشْغَلُهُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ اسْتِحْضَارِ الْمَنْوِيِّ.
ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute