الْمَدِينُ (مُعْسِرًا بِهِ أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مُؤَجَّلًا الْأَخْذُ (فَيَأْخُذ قَدْرَ حَقِّهِ مِنْ جِنْسِهِ) إنْ وَجَدَ فِي مَالِ الْمَدِينِ مِنْ جِنْسِهِ (وَإِلَّا قَوَّمَهُ وَأَخَذَ بِقَدْرِهِ فِي الْبَاطِنِ مُتَحَرِّيًا لِلْعَدْلِ) فِي ذَلِكَ لِحَدِيثِ هِنْدٍ «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» وَلِقَوْلِهِ: «الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ» وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ حَدِيثَ هِنْدٍ قَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا فَإِنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُقِرًّا بِهِ بَاذِلًا لَهُ أَوْ كَانَ مَالُهُ لِأَمْرٍ يُبِيحَ الْمَنْعَ كَالتَّأْجِيلِ وَالْإِعْسَارِ أَوْ قَدَرَ عَلَى اسْتِخْلَاصِهِ بِالْحَاكِمِ لَمْ يَجُزْ الْأَخْذُ بِغَيْرِ خِلَافٍ.
(وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَجَحَدَ أَحَدُهُمَا) دَيْنَ الْآخَرِ (فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَجْحَدَهُ) دَيْنَهُ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: لِأَنَّهُ كَبَيْعِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ رَضِيَا فَإِنْ كَانَ الدَّيْنَانِ مِنْ جِنْسٍ تَقَاصَّا بِشَرْطِهِ وَسَبَقَ (وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُزِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ بَاطِنًا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: «فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ بِشَهَادَةِ زُورٍ فَلَا يُحِلُّ لَهُ مَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ كَالْمَالِ الْمُطْلَقِ.
(وَلَوْ) كَانَ حُكْمُ الْحَاكِمِ (فِي عَقْدٍ وَفَسْخٍ وَطَلَاقٍ فَمَنْ حَكَمَ لَهُ بِبَيِّنَةِ زُورٍ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ) بَاطِنًا (وَيَلْزَمُهَا) حُكْمُهُ (فِي الظَّاهِرِ) لِعَدَمِ مَا يَدْفَعُهُ.
(وَ) يَجِبُ عَلَيْهَا (أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْهُ مَا أَمْكَنَهَا فَإِنْ أَكْرَهَهَا) وَوَطِئَهَا (فَالْأَثِمُ عَلَيْهِ دُونَهَا) لِأَنَّهَا مُكْرَهَةٌ (ثُمَّ إنْ وَطِئَ مَعَ الْعِلْمِ فَكَزِنًا فَيُحَدُّ) وَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ: " رَجُلًا ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا فَرَفَعَا إلَى عَلِيٍّ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ بِذَلِكَ فَقَضَى بَيْنَهُمَا بِالزَّوْجِيَّةِ فَقَالَتْ وَاَللَّهِ مَا تَزَوَّجَنِي اعْقِدْ بَيْنَنَا عَقْدًا حَتَّى أَحِلَّ لَهُ فَقَالَ: شَاهِدَاكِ زَوَّجَاكِ " فَتَقْدِيرُ صِحَّتِهِ لَا حَجَّةَ فِيهِ لِلْمُخَالِفِ لِأَنَّهُ أَضَافَ التَّزْوِيجَ إلَى الشَّاهِدَيْنِ لَا إلَى حُكْمِهِ وَلَمْ يُجِبْهَا إلَى التَّزْوِيجِ لِأَنَّ فِيهِ طَعْنًا عَلَى الشُّهُودِ لَكِنْ اللِّعَانُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِهِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا لِأَنَّ الشَّرْعَ وَضَعَهُ لِسِتْرِ الزَّانِيَةِ وَصِيَانَةِ النَّسَبِ فَتَعَقَّبَهُ النَّسْخُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِانْفِكَاكُ إلَّا بِهِ وَلَيْسَ كَمَسْأَلَتِنَا.
(وَيَصِحُّ نِكَاحُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ الْمَحْكُومِ بِنِكَاحِهَا لِرَجُلٍ بِبَيِّنَةِ زُورٍ (غَيْرَهُ) لِخُلُوِّهَا مِنْ النِّكَاحِ (وَقَالَ الْمُوَفَّقُ) وَالشَّارِحُ (لَا يَصِحُّ) تَزْوِيجُهَا غَيْرَهُ (لِإِفْضَائِهِ إلَى وَطْئِهَا مِنْ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا بِحُكْمِ الظَّاهِرِ وَالْآخَرُ بِحُكْمِ الْبَاطِنِ) وَهَذَا فَسَادٌ وَكَالْمُزَوَّجَةِ بِلَا وَلِيٍّ.
(وَإِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا بِشُهُودِ زُورٍ فَهِيَ زَوْجَتُهُ بَاطِنًا) نَصًّا.
(وَيُكْرَهُ لَهُ اجْتِمَاعُهُ بِهَا ظَاهِرًا خَوْفًا مِنْ مَكْرُوهٍ يَنَالُهُ) بِسَبَبِ طَعْنِهِ عَلَى الْحَاكِمِ (وَلَا يَصِحُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute