للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِكَوْنِهِ وَاضِعَ الْيَدِ عَلَيْهِ وَالنِّصْفِ الْآخَرِ بِنُكُولِ خَصْمِهِ (فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا) أَيْ الْعَيْنِ (فَمَا دُونُ) بِالْبِنَاءِ عَلَى الضَّمِّ لَحَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةُ مَعْنَاهُ أَيْ فَأَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ (أَوْ) ادَّعَى (الْآخَرُ أَكْثَرَ مِنْ بَقِيَّتِهَا أَوْ) ادَّعَى الْآخَرُ (كُلَّهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْأَقَلِّ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ وَاضِعُ يَدِهِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَلَا رَافِعَ لِيَدِهِ وَالْبَاقِي لِمُدَّعِي الْكُلِّ أَوْ الْأَكْثَرِ بِلَا يَمِينٍ لِعَدَمِ التَّنَازُعِ لَهُ فِيهِ.

(وَإِنْ تَنَازَعَا مُسَنَّاةً وَهِيَ السَّدُّ الَّذِي يَرُدُّ مَاءَ النَّهْرِ مِنْ جَانِبِهِ حَاجِزٌ بَيْنَ نَهْرِ أَحَدِهِمَا وَأَرْضِ الْآخَرِ تَحَالَفَا وَهِيَ) أَيْ الْمُسَنَّاةُ (بَيْنَهُمَا) نِصْفَيْنِ لِأَنَّهَا حَاجِزٌ بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا يَنْتَفِعُ بِهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَشْبَهَ الْحَائِطَ بَيْنَ الدَّارَيْنِ (وَكَذَا إنْ نَكَلَا) عَنْ الْيَمِينِ تَنَاصَفَاهَا (لِأَنَّهَا حَاجِزٌ بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا، وَإِنْ تَنَازَعَا صَغِيرًا دُونَ التَّمْيِيزِ فِي أَيْدِيهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا) وَهُوَ (رَقِيقٌ) لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَيَدُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ فَهُمَا سَوَاءٌ فِيهِ لَا رُجْحَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ (وَيَتَحَالَفَانِ) أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ.

(وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْحُرِّيَّةَ إذَا بَلَغَ بِلَا بَيِّنَةٍ) أَيْ يَدِ مُدَّعِي الرِّقَّ (عَلَى الْمِلْكِ مِثْلُ أَنْ يَلْتَقِطَهُ) ثُمَّ يَدَّعِي رِقَّهُ (فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ لِرِقِّهِ لِأَنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ) لِأَنَّهَا الظَّاهِرُ وَالْأَصْلُ فِي بَنِي آدَمَ وَالرِّقُّ طَارِئٌ (وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ وَاضِعِي الْيَدِ عَلَى طِفْلٍ (بَيِّنَةٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا أَيْضًا) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَحِقُّ مَا فِي يَدِ الْآخَرِ بِبَيِّنَةٍ (وَإِنْ كَانَ) الْمُدَّعَى (مُمَيِّزًا فَقَالَ إنِّي حُرٌّ فَهُوَ حُرٌّ) فَيُخَلَّى إلَى حَالِ سَبِيلِهِ وَيَمْنَعَانِ مِنْهُ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ هِيَ الْأَصْلُ فِي ابْنِ آدَمَ (إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ كَالْبَالِغِ إلَّا أَنَّ الْبَالِغَ إذَا أَقَرَّ بِالرِّقِّ ثَبَتَ رِقُّهُ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ بِخِلَافِ الْمُمَيِّزِ إذَا أَقَرَّ بِالرِّقِّ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ دَعْوَاهُ الْحُرِّيَّةَ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَلِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ بِالْوَصِيَّةِ وَأَمْرِهِ بِالصَّلَاةِ.

(وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْمُدَّعَيْنِ لِلْعَيْنِ (بَيِّنَةٌ بِالْعَيْنِ) الْمُدَّعَى بِهَا بِيَدِهَا أَوْ لَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدٍ (حُكِمَ لَهُ بِهَا) لِرُجْحَانٍ بِالْبَيِّنَةِ (وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ لَمْ يُقَدِّمْ أَسْبَقَهَا تَارِيخًا بَلْ) هُمَا (سَوَاءٌ) خِلَافًا لِلْقَاضِي.

قَالَ يُقَدَّمُ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا لِأَنَّ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالتَّارِيخِ الْمُقَدَّمِ أَثْبَتَتْ لَهُ الْمِلْكَ فِي وَقْتٍ لَمْ تُعَارِضْهُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ الْأُخْرَى وَتَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي ذَلِكَ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ فَسَقَطَتَا فَبَقِيَ مِلْكُ السَّابِقِ تَحْتَ اسْتِدَامَتِهِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الشَّاهِدَ بِالْمِلْكِ الْحَادِثِ أَحَقُّ بِالتَّرْجِيحِ لِجَوَازِ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ دُونَ الْأَوَّلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْآخَرِ أَوْ أَنَّهُ وَهَبَهُ إيَّاهُ وَنَحْوَهُ لَقُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ بِذَلِكَ اتِّفَاقًا، فَإِذَا لَمْ يُرَجَّحْ بِهَا فَلَا أَقَلَّ مِنْ التَّسَاوِي وَأَمَّا قَوْلُهُ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي مِنْ غَيْرِ مُعَارَضَةٍ مَمْنُوعٌ لِثُبُوتِهِ فِي الْحَالِ، وَلَوْ انْفَرَدَ بِأَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>