مِنْهُمَا نِصْفُهُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ بِمَالٍ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَالْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَقَدْ أَقَرَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ.
وَتَقَدَّمَ فِي الْعِتْقِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي تَكْمِيلَ الْعِتْقِ فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ فِي الْحَيَاةِ مَوْجُودٌ بَعْدَ الْمَوْتِ (فَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَةُ وَارِثِهِ فَاسِقَةً) وَلَمْ تُكَذِّبْ الْأَجْنَبِيَّةُ (عِتْقَ سَالِمٍ) بِلَا قُرْعَةٍ لِأَنَّ بَيِّنَةَ غَانِمٍ الْفَاسِقَةَ لَا تُعَارِضُ بَيِّنَتَهُ الْعَادِلَةَ (وَيُعْتَقُ غَانِمٌ بِقُرْعَةٍ) لِإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ بِالْوَصِيَّةِ لِعِتْقِهِ أَيْضًا، فَاقْتَضَى ذَلِكَ الْقُرْعَةَ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ بَيِّنَةُ سَالِمٍ عَادِلَةً عَتَقَ أَوَّلًا لِعَدَمِ التَّعَارُضِ، وَأَعْتَقْنَا غَانِمًا بِخُرُوجِ الْقُرْعَةِ لَهُ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الْوَارِثَةَ الشَّاهِدَةُ بِعِتْقِ غَانِمٍ (عَادِلَةً وَكَذَّبَتْ الْأَجْنَبِيَّةَ لَغَا تَكْذِيبُهَا) لِلْأَجْنَبِيَّةِ (دُونَ شَهَادَتِهَا وَانْعَكَسَ الْحُكْمُ فَيُعْتَقُ غَانِمٌ) بِلَا قُرْعَةٍ (ثُمَّ وُقِفَ عِتْقُ سَالِمٍ عَلَى الْقُرْعَةِ) كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِذَلِكَ الْبَيِّنَتَانِ مِنْ غَيْرِ تَكْذِيبٍ بِخِلَافِ غَانِمٍ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ بِلَا قُرْعَةٍ لِشَهَادَتِهَا بِعِتْقِهِ وَإِقْرَارِهَا أَنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ سِوَاهُ (وَإِنْ كَانَتْ) الْوَارِثَةُ (فَاسِقَةً مُكَذِّبَةً) لِلْعَادِلَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ (أَوْ) كَانَتْ (فَاسِقَةً وَشَهِدَتْ بِرُجُوعِهِ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ عَتَقَ الْعَبْدَانِ) .
أَمَّا سَالِمٌ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِتْقُ غَانِمٍ بِبَيِّنَةٍ تُعَارِضُ بَيِّنَتَهُ، وَأَمَّا غَانِمٌ فَلِإِقْرَارِهِمَا بِعِتْقِهِ دُونَ الْآخَرِ وَشَهَادَتِهَا بِالرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِعِتْقِ سَالِمٍ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارُ بِالْوَصِيَّةِ بِعِتْقِ غَانِمٍ وَحْدَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُكَذِّبَةً لِلْأُخْرَى (وَلَوْ شَهِدَتْ) أَيْ الْوَارِثَةُ (وَلَيْسَتْ فَاسِقَةً وَلَا مُكَذِّبَةً) لِلْأَجْنَبِيَّةِ (قُبِلَتْ شَهَادَتُهَا وَعَتَقَ غَانِمٌ وَحْدُهُ) لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ لَمْ تَجُرَّ إلَى نَفْسِهَا نَفْعًا فَوَجَبَ قَبُولُهَا (كَمَا لَوْ كَانَتْ الشَّاهِدَةُ بِرُجُوعِهِ أَجْنَبِيَّةً وَلَوْ كَانَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ) وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ الشَّاهِدَةُ بِرُجُوعِهِ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ (غَانِمٌ سُدُسَ الْمَالِ عَتَقَا) أَيْ الْعَبْدَانِ (وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهَا) بِالرُّجُوعِ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ لِأَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ بِدَفْعِ السُّدُسِ لِلْآخَرِ عَنْهَا فَلَا تُقْبَلْ شَهَادَتُهَا لِذَلِكَ لَا يُقَالُ الشَّهَادَةُ بِرُجُوعِهِ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ وَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ تَجُرُّ إلَيْهَا وَلَاءَ غَانِمٍ لِأَنَّهُ يُقَالُ هُمَا يُسْقِطَانِ وَلَاءَ سَالِمٍ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْوَلَاءَ إنَّمَا هُوَ ثُبُوتُ سَبَبِ الْمِيرَاثِ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ فِيهِ كَمَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِالشَّهَادَةِ، وَإِنْ كَانَ لِلشَّاهِدِ يَجُوزُ أَنْ يَرِثَ الْمَشْهُودَ لَهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْإِنْسَانِ لِأَخِيهِ بِالْمَالِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَرِثَهُ.
(وَالْوَارِثَةُ الْعَادِلَةُ فِيمَا تَقُولُهُ خَبَرًا لَا شَهَادَةً) مَنْصُوبَانِ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ بِتَقَوُّلِهِ عَلَى حَدِّ قَعَدَ الْقُرْفُصَاءَ وَقَوْلُهُ (كَالْفَاسِقَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا) خَبَرٌ عَنْ الْوِرَاثَةِ أَيْ خَبَرُ الْوَارِثَةِ الْعَادِلَةِ كَشَهَادَةِ الْفَاسِقَةِ لِأَنَّ خَبَرَهَا إقْرَارٌ فَيُعْمَلُ بِهِ كَإِقْرَارِ الْفَاسِقَةِ وَشَهَادَتِهَا (وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَعْتَقَ سَالِمًا فِي مَرَضِهِ وَ) شَهِدَتْ (بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute