للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ الَّذِي يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَهُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَشْهُودُ لَهُ الْحَالَ (وَلَا يَقْدَحُ) أَدَاؤُهَا قَبْلَ اسْتِشْهَادِهِ (فِيهِ) أَيْ فِي شَهَادَتِهِ لِلْحَاجَةِ (كَشَهَادَةِ حِسْبَةٍ) فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى (وَيُقِيمُهَا) أَيْ الشَّاهِدُ (بِطَلَبِهِ) أَيْ الْمَشْهُودِ لَهُ (وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهَا حَاكِمٌ) لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلْمَشْهُودِ لَهُ فَإِذَا طَلَبَهُ وَجَبَ (وَنَحْوُهُ) كَالْمُحَكَّمِ (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ) أَيْ الشَّاهِدِ (إعْلَامُهُ فَإِنْ سَأَلَهُ أَقَامَهَا وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهَا حَاكِمٌ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَحْرُمُ كَتْمُهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ بِحَقِّ آدَمِيٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: ٢٨٣] .

(وَيُسَنُّ الْإِشْهَادُ فِي كُلِّ عَقْدٍ سِوَى نِكَاحٍ) كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] وَصَرَفَهُ عَنْ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: ٢٨٣] وَقِيسَ عَلَى الْبَيْعِ بَاقِي الْعُقُودِ غَيْرَ النِّكَاحِ (فَيَجِبُ) أَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ لِأَنَّهَا شَرْطٌ فِيهِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِهِ.

(وَلَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا بِمَا يَعْلَمُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦] وَلِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الشَّهَادَة قَالَ: هَلْ تَرَى الشَّمْسَ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ عَلَى مِثْلهَا فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ فِي جَامِعِهِ بِأَنْ يَزْدَادَ الْمَشْهُودُ بِهِ ابْتِدَاءً (بِرُؤْيَةٍ أَوْ سَمَاعٍ) فَيَشْهَدُ مَنْ رَأَى زَيْدًا يُقْرِضُ عَمْرًا وَنَحْوَهُ أَوْ سَمِعَهُ يَبِيعُهُ أَوْ يُقِرُّ لَهُ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ أَقَالَهُ الْبَيْعَ أَوْ وَفَّاهُ الْقَرْضَ أَوْ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَالْمُعْتَبَرُ الْعِلْمُ فِي أَصْلِ الْمُدْرَكِ لِمَا فِي دَوَامِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَرَافِيُّ وَإِلَّا لَتَعَطَّلَتْ (غَالِبًا لِجَوَازِهِ بِبَقِيَّةِ الْحَوَاسِّ قَلِيلًا) كَدَعْوَى مُشْتَرِي مَأْكُولٍ عَيْبَهُ لِمَرَارَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِمَا أَدْرَكَتْهُ بِالذَّوْقِ أَوْ الشَّمِّ أَوْ الْحِسِّ أَوْ اللَّمْسِ.

(فَالرُّؤْيَةُ تَخْتَصُّ بِالْأَفْعَالِ كَالْقَتْلِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالرَّضَاعِ وَالْوِلَادَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِنْ الْعُيُوبِ الْمَرْئِيَّةِ (فَإِنْ جَهِلَ) الشَّاهِدُ (حَاضِرًا) أَيْ جَهِلَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ (جَازَ أَنْ يَشْهَدَ) عَلَيْهِ (فِي حَضْرَتِهِ) فَقَطْ (لِمَعْرِفَةِ عَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (غَائِبًا) وَجَهِلَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ لَمْ يَشْهَدْ حَتَّى يَعْرِفَهُ (فَ) إنْ (عَرَّفَهُ) بِهِ (مَنْ يَسْكُنُ إلَيْهِ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ وَلَوْ عَلَى امْرَأَةٍ) وَلَوْ كَانَ الَّذِي عَرَفَهُ وَاحِدًا.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى

<<  <  ج: ص:  >  >>