للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّوَال كِيسًا أَسْوَدَ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَرَقَ هَذَا الْكِيسَ غُدْوَةً، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ سَرَقَهُ عَشِيَّةً، وَكَذَا الْقَذْفُ إذَا اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي وَقْتِ قَذْفِهِ) بِأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَا تَكْمُلُ الْبَيِّنَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.

أَمَّا فِي الْأَفْعَالِ فَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّنَافِي، وَأَمَّا النِّكَاحُ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بِكُلِّ عَقْدٍ إلَّا شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَلَمْ يَثْبُتْ وَأَيْضًا لِلشَّهَادَةِ شَرْطٌ فِي النِّكَاحِ، فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْوَقْتِ لَمْ يَتَحَقَّقْ حُصُولُ الشَّرْطِ فَلَمْ يَثْبُتْ الْمَشْرُوطُ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِهِ، وَأَمَّا الْقَذْفُ فَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَمْ تَكْمُلْ بِهِ؛ وَلِأَنَّ اخْتِلَافَ الشُّهُودِ شُبْهَةٌ وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِهَا.

(وَإِنْ أَمْكَنَ تَعَدُّدُهُ) أَيْ الْفِعْلِ كَالسَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ (وَلَمْ يَشْهَدَا بِاتِّحَادِهِ) وَاخْتَلَفَا فِي مَكَانِهِ أَوْ وَقْتِهِ وَنَحْوِهِ (فَكُلُّ شَيْءٍ شَاهِدٌ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ وَلَا تَنَافِيَ) لِجَوَازِ التَّعَدُّدِ (وَإِنْ كَانَ بَدَلُ كُلِّ شَاهِدٍ بَيِّنَةً) تَامَّةً (ثَبَتَا هُنَا) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ التَّعَدُّدُ وَلَمْ يَشْهَدُوا بِاتِّحَادِهِ (إنْ ادَّعَاهُمَا) أَيْ الْفِعْلَيْنِ الْمَشْهُودِ بِهِمَا الْمُدَّعِي قَبْلَ أَدَاءِ الشُّهُودِ الشَّهَادَةَ (وَإِلَّا) بِأَنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ ثَبَتَ (مَا ادَّعَاهُ) دُونَ مَا لَمْ يَدَّعِهِ لِاشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى عَلَى الشَّهَادَةِ.

(وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ) الْمَشْهُودُ بِهِ (مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَكْرَارُهُ كَقَتْلِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ) وَعَيَّنَ كُلُّ اثْنَيْنِ وَقْتًا أَوْ مَكَانًا وَنَحْوَهُ (تَعَارَضَتَا) لِلتَّنَافِي وَكَذَا لَوْ أَمْكَنَ تَكْرَارُهُ لَكِنْ شَهِدُوا بِاتِّحَادِهِ (وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةَ عَلَى إقْرَارٍ بِفِعْلٍ) مِنْ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ وَنَحْوِهَا (أَوْ) عَلَى إقْرَارٍ (بِغَيْرِهِ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ (وَلَوْ) كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ (نِكَاحًا أَوْ قَذْفًا) وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الْإِقْرَارِ أَوْ مَكَانِهِ وَنَحْوِهِ (جُمِعَتْ) الْبَيِّنَةُ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ كَانَا إقْرَارَيْنِ فَهُمَا إقْرَارٌ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ (فَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَلْفٍ أَمْسِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَلْفٍ الْيَوْمَ أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَهُ دَارِهِ أَمْسِ وَ) شَهِدَ (آخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهَا الْيَوْمَ كَمُلَتْ) الْبَيِّنَةُ (وَثَبَتَ الْبَيْعُ) لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ يَجُوزُ أَنْ يُعَادَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَلَمْ يُؤَثِّرْ كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْآخَرُ بِالْفَارِسِيَّةِ (وَ) ثَبَتَ (الْإِقْرَارُ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَإِنْ شَهِدَ وَاحِد بِالْفِعْلِ وَآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ) بِالْفِعْلِ كَأَنْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّهُ سَرَقَ وَآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ (جُمِعَتْ) الْبَيِّنَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ لِقِصَّةِ الْوَلِيدِ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ (وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِعَقْدِ نِكَاحٍ) وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ بِعَقْدٍ لَمْ تَجْتَمِعْ (أَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى قَتْلٍ خَطَأٍ وَآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ) بِقَتْلِ الْخَطَأِ (لَمْ تُجْمَعْ) الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ أَحَدُهُمَا غَيْرُ الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ الْآخَرُ (وَلِمُدَّعِي الْقَتْلِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ قَتْلَ الْخَطَأِ يُوجِبُ الدِّيَةَ فَهُوَ مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ فَيَثْبُتُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>