وَقَضَى ابْنُ مَسْعُودٍ بِذَلِكَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَبِهَذَا قَالَ أَكَابِرُ الْمَاضِينَ الْآيَةُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْهُمْ ابْنُ مَسْعُود وَابْنُ عَبَّاسٍ قَالُوا مِنْ غَيْرِ مِلَّتِكُمْ وَدِينِكُمْ وَلِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا قَسَامَةَ عَلَيْهِمَا وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهَا عَلَى التَّحَمُّلِ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِإِطْلَاقِهِمْ وَلَا يَمِينَ فِي التَّحَمُّلِ، وَحَمْلُهَا عَلَى الْيَمِينِ غَيْرُ مَقْبُولٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} [المائدة: ١٠٦] وَلِأَنَّهُ عَطَفَ عَلَى ذَوِي الْعَدْلِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَهُمَا شَاهِدَانِ.
(الْخَامِسُ: الْحِفْظُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُغَفَّلٍ وَلَا مَعْرُوفٍ بِكَثْرَةِ غَلَطٍ وَنِسْيَانٍ) لِأَنَّ الثِّقَةَ لَا تَحْصُلُ بِقَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ شَهَادَتُهُ مِمَّا غَلَطَ فِيهَا وَسَهَا؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا شَهِدَ عَلَى غَيْرِ مَنْ اُسْتُشْهِدَ عَلَيْهِ أَوْ بِغَيْرِ مَا شَهِدَ بِهِ أَوْ لِغَيْرِ مَنْ أَشْهَدَهُ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا تُقْبَلُ مِمَّنْ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَسْلَمُ مِنْ الْغَلَطِ مَرَّةً وَالنِّسْيَانِ.
(السَّادِسُ الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] وَقَوْله {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] وَقُرِئَ بِالْمُثَلَّثَةِ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْعَدْلِ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ أَنْ يَتَحَامَلَ عَلَى غَيْرِهِ فَيَشْهَدُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا ذِي غَمْرٍ عَلَى أَخِيهِ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَانِعِ لِأَهْلِ الْبَيْتِ» - وَالْقَانِعُ الَّذِي يُنْفِقُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْبَيْتِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد (وَهِيَ) أَيْ الْعَدَالَةُ (اسْتِوَاءُ أَحْوَالِهِ فِي دِينِهِ وَاعْتِدَالُ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ) لِأَنَّ الْعَدَالَةَ ضِدُّ الْجَوْرِ، وَالْجَوْرُ الْمَيْلُ، فَالْعَدْلُ الِاسْتِوَاءُ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا.
(وَيُعْتَبَرُ لَهَا) أَيْ الْعَدَالَةِ (شَيْئَانِ: الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ) وَهُوَ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ بِسُنَنِهَا الرَّاتِبَةِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (إنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِهَا) أَيْ الرَّوَاتِبِ (لِفِسْقِهِ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: مَنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ أَثِمَ وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ.
وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: نَرُدُّ شَهَادَتَهُ لِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّهَاوُنِ بِالسُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمُرَادُهُ أَيْ الْقَاضِي أَنَّهُ يَأْثَمُ مَنْ تَرَكَ الْفَرْضُ وَإِلَّا فَلَا يَأْثَمُ بِسُنَّةٍ (وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمِ) لِأَنَّ مَنْ أَدَّى الْفَرَائِضَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute