للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَحَدِّ الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ (بِأَقَلَّ مِنْ رَجُلَيْنِ) لِقَوْلِ الزُّهْرِيُّ مَضَتْ السُّنَّةُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ (وَكَذَا الْقَوَدُ) فَيَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ لِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيْ الْقِصَاصِ فَيُقْبَلُ فِيهِ اثْنَانِ كَقَطْعِ الطَّرِيقِ بِخِلَافِ الزِّنَا.

(وَيَثْبُتُ الْقَوَدُ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً) لِأَنَّ الْقَتْلَ فِيهِ حَقٌّ آدَمِيٌّ أَشْبَهَ الْمَالِ، وَكَذَا الْقَذْفُ وَالشُّرْبُ بِخِلَافِ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَتَقَدَّمَ.

(وَ) الْقِسْمُ الرَّابِعُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُقْبَلُ فِيمَا لَيْسَ بِعُقُوبَةٍ وَلَا مَالٍ، وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ وَنَسَبٍ وَوَلَاءٍ وَإِيصَاءٍ) فِي غَيْرِ مَالٍ (وَتَوْكِيلٍ فِي غَيْرِ مَالٍ وَتَعْدِيلِ شُهُودٍ وَجُرْحَتِهِمْ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] قَالَهُ فِي الرَّجْعَةِ وَالْبَاقِي قِيَاسًا وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ أَشْبَهَ الْعُقُوبَاتِ.

وَذَكَرَ الْقِسْمَ الْخَامِسَ بِقَوْلِهِ (وَيُقْبَلُ فِي مُوضِحَةٍ وَنَحْوِهَا) كَهَاشِمَةٍ وَمُنَقِّلَةٍ وَدَاءٍ بِعَيْنٍ (وَدَاءِ دَابَّةِ طَبِيبٌ وَاحِدٌ وَبَيْطَارٌ وَاحِدٌ مَعَ عَدَمِ غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ مِمَّا يَعْسُرُ إشْهَادُ اثْنَيْنِ عَلَيْهِ فَكَفَى الْوَاحِدُ كَالرَّضَاعِ (فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ) غَيْرُ الْوَاحِدِ (فَاثْنَانِ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ.

(فَإِنْ اخْتَلَفَا) بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا بِوُجُودِ الدَّاءِ وَالْآخَرُ بِعَدَمِهِ (قُدِّمَ قَوْلٌ مُثْبِتٌ) لِأَنَّهُ يَشْهَدُ بِزِيَادَةٍ لَمْ يُدْرِكْهَا الثَّانِي.

الْقِسْمُ السَّادِسُ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيُقْبَلُ فِي مَالٍ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ كَالْبَيْعِ وَأَجَلِهِ) أَيْ أَجَلِ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْمُثَمَّنِ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ (وَخِيَارِهِ) أَيْ خِيَارِ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ (وَرَهْنٍ وَمَهْرٍ وَتَسْمِيَتِهِ وَرِقٍّ مَجْهُولِ النَّسَبِ وَإِجَارَةٍ وَشَرِكَةٍ وَصُلْحٍ وَهِبَةٍ وَإِيصَاءٍ فِي مَالٍ وَتَوْكِيلٍ فِيهِ وَقَرْضٍ وَجِنَايَةِ الْخَطَأِ وَوَصِيَّةٍ لِمُعَيَّنٍ وَوَقْفٍ عَلَيْهِ وَشُفْعَةٍ وَحَوَالَةٍ وَغَصْبٍ وَإِتْلَافِ مَالٍ وَضَمَانِهِ، وَفَسْخِ عَقْدٍ مُعَاوَضَةٍ وَدَعْوَى قَتْلِ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلْبِهِ وَدَعْوَى أَسِيرٍ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ لِمَنْعِ رِقٍّ وَعِتْقٍ وَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ (رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ فَامْرَأَتَانِ) فَاعِلٌ يُقْبَلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢] وَسِيَاقُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ بِالْأَمْوَالِ.

وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى ذَلِكَ (أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عُمَارَةَ بْنِ حَزْمٍ وَحَدِيثُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ مِثْلُهُ وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَضَى بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَيَمِينِ صَاحِبِ الْحَقِّ» وَقَضَى بِهِ عَلِيٌّ بِالْعِرَاقِ رَوَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>