طَائِفَةٍ) مِنْ الْمَأْمُومِينَ (رَجُلًا) مِنْهُمْ فَصَلَّى بِهِمْ صَحَّ (وَاسْتَخْلَفَ بَعْضُهُمْ وَصَلَّى الْبَاقُونَ فُرَادَى صَحَّ) ذَلِكَ كَمَا لَوْ اسْتَخْلَفَ كُلُّهُمْ، أَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفُوا كُلُّهُمْ.
وَإِنْ اسْتَخْلَفَ امْرَأَةً وَفِيهِمْ رَجُلٌ أَوْ أُمِّيًّا، وَفِيهِمْ قَارِئٌ، صَحَّتْ صَلَاةُ الْمُسْتَخْلَفِ بِالنِّسَاءِ وَالْأُمِّيِّينَ فَقَطْ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ (هَذَا) الَّذِي ذُكِرَ مِنْ أَحْكَامِ الِاسْتِخْلَافِ (كُلُّهُ عَلَى الرِّوَايَةِ) الثَّانِيَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ مَعَ كَوْنِهِ مُفَرَّعًا عَلَى ضَعِيفٍ، عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ فَرَّعُوا هَذِهِ الْمَسَائِلَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ ثُمَّ قَالُوا: وَكَذَا الِاسْتِخْلَافُ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ، مِمَّا يَأْتِي فَاحْتَاجَ إلَى بَيَانِ هَذِهِ، لِيُعْلَمَ مِنْهَا أَحْكَامُ الِاسْتِخْلَافِ لِلْمَرَضِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ (وَمَحَلُّهُ) أَيْ: مَحَلُّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاسْتِخْلَافِ لِسَبْقِ الْحَدَثِ: (فِيمَا إذَا كَانَ ابْتِدَاءُ الْإِمَامِ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ) ابْتِدَاءُ صَلَاتِهِ.
(فَاسِدًا كَأَنْ ذَكَرَ) الْإِمَامُ (الْحَدَثَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَلَا) اسْتِخْلَافَ لِأَنَّ صَلَاتَهُ لَمْ تَنْعَقِدْ ابْتِدَاءً (وَلَهُ) أَيْ: لِلْإِمَامِ (الِاسْتِخْلَافُ لِحُدُوثِ مَرَضٍ أَوْ حُدُوثِ خَوْفٍ أَوْ) لِأَجْلِ (حَصْرِهِ عَنْ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ وَنَحْوِهِ) كَالتَّكْبِيرِ، أَوْ التَّسْمِيعِ، أَوْ التَّشَهُّدِ أَوْ السَّلَامِ، لِوُجُودِ الْعُذْرِ الْحَاصِلِ لِلْإِمَامِ، مَعَ بَقَاءِ صَلَاتِهِ وَصَلَاةِ الْمَأْمُومِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَبَقَ الْإِمَامَ الْحَدَثُ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ ثُمَّ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ تَبَعًا لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ سَبَقَ الْإِمَامُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ) .
ثُمَّ سَلَّمَ الْإِمَامُ (فَائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ فِي قَضَاءِ مَا فَاتَهُمَا) صَحَّ (أَوْ ائْتَمَّ مُقِيمٌ بِمِثْلِهِ) فِيمَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمَا (إذَا سَلَّمَ إمَامٌ مُسَافِرٌ صَحَّ) ذَلِكَ، لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ جَمَاعَةٍ إلَى جَمَاعَةٍ أُخْرَى لِعُذْرٍ فَجَازَ كَالِاسْتِخْلَافِ وَاسْتَدَلَّ فِي الشَّرْحِ بِقَضِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ حِينَ تَأَخَّرَ وَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى.
قُلْت: لَيْسَ غَرَضُ الشَّارِحِ أَنَّ قَضِيَّةَ أَبِي بَكْرٍ هِيَ هَذِهِ الْمَذْكُورَةُ بَلْ تُشْبِهُهَا مِنْ حَيْثُ الِانْتِقَالُ مِنْ جَمَاعَةٍ إلَى جَمَاعَةٍ، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا مُؤْتَمِّينَ بِأَبِي بَكْرٍ فَصَارُوا مُؤْتَمِّينَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَصَلَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ الْجَامِعُ، وَهُوَ الْمُشَابَهَةُ فِي الِانْتِقَالِ مِنْ جَمَاعَةٍ إلَى أُخْرَى وَمَحَلُّ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْمَسْبُوقِ بِمِثْلِهِ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ: (فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ) (فَلَا) يَصِحُّ ذَلِكَ (فِيهَا) أَيْ: فِي الْجُمُعَةِ (لِأَنَّهَا إذَا أُقِيمَتْ بِمَسْجِدٍ مَرَّةً لَمْ تُقَمْ فِيهِ) مَرَّةً (ثَانِيَةً) قَالَهُ الْقَاضِي: وَفِيهِ نَظَرٌ.
إذْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ إقَامَةٌ ثَانِيَةٌ وَإِنَّمَا هُوَ تَكْمِيلٌ لَهَا بِجَمَاعَةٍ وَغَايَتُهُ: أَنَّهَا فُعِلَتْ بِجَمَاعَتَيْنِ وَهَذَا لَا يَضُرُّ، كَمَا لَوْ صُلِّيَتْ الرَّكْعَةُ الْأُولَى مِنْهَا بِسِتِّينَ، ثُمَّ فَارَقَهُ عِشْرُونَ، وَصُلِّيَتْ الثَّانِيَةُ بِأَرْبَعِينَ وَقِيلَ: لَعَلَّهُ لِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ لَهَا، فَيَلْزَمُ لَوْ ائْتَمَّ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ بِآخَرَ تَصِحُّ.
(وَ) إنْ أَمَّ مَنْ لَمْ يَنْوِهِ أَوَّلًا، وَلَوْ بِاسْتِخْلَافٍ (بِلَا عُذْرِ السَّبْقِ) وَالْقَصْر الْمَذْكُورَيْنِ (لَا يَصِحُّ) لِأَنَّ مُقْتَضَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute