لِأَنَّهَا تُثْبِتُ نَفْسَ الْحَقِّ وَهَذِهِ لَا تُثْبِتُهُ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا أَمْكَن أَنْ يَسْمَعَ شَهَادَةَ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ اُسْتُغْنِيَ عَنْ الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَةِ شَاهِدَيْ الْفَرْعِ، وَكَانَ أَحْوَطَ لِلشَّهَادَةِ فَإِنَّ سَمَاعَهُ مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ مَعْلُومٌ وَصِدْقَ شَاهِدَيْ الْفَرْعِ عَلَيْهِمَا مَظْنُونٌ وَالْعَمَلُ بِالْيَقِينِ مَعَ إمْكَانِهِ أَوْلَى مِنْ اتِّبَاعِ الظَّنِّ (وَالْمَرْأَةُ الْمُخَدَّرَةُ) أَيْ الْمُلَازِمَةُ لِلْخِدْرِ وَهُوَ السِّتْرُ وَيُقَالُ امْرَأَةٌ خَفِرَةٌ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ شَدِيدَةُ الْحَيَاءِ وَهِيَ ضِدُّ الْبَرْزَةِ (كَالْمَرِيضِ) لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهُ.
(وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي: اسْتِرْعَاءُ الْأَصْلِ الْفَرْعَ عَلَى مَا يَذْكُرهُ وَ (لَا يَجُوزُ لِشَاهِدِ الْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ شَاهِدُ الْأَصْلِ أَوْ يَسْتَرْعِيَ) الْأَصْلُ (غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الشَّاهِدِ الْفَرْعِ (وَهُوَ يَسْمَعُ) وَأَصْلُ الِاسْتِرْعَاءِ مِنْ قَوْلِ الْمُحَدِّثِ لِمَنْ يُحَدِّثُهُ: أَرِعْنِي سَمْعَكَ، يُرِيدُ اسْمَعْ مِنِّي (فَيَقُولُ) الْأَصْلُ لِغَيْرِهِ (اشْهَدْ أَنِّي أَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا أَوْ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِكَذَا) قَالَ أَحْمَدُ: لَا تَكُونُ شَهَادَةٌ إلَّا أَنْ يُشْهِدْكَ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ فِيهَا مَعْنَى النِّيَابَةِ، وَالنِّيَابَةُ بِغَيْرِ إذْنٍ لَا تَجُوزُ (أَوْ يَسْمَعُهُ يَشْهَدُ عِنْد الْحَاكِمِ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ) تُزِيلُ الِاحْتِمَالَ أَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَرْعَاهُ (أَوْ) يَسْمَعُهُ (يَشْهَدُ بِحَقٍّ يُعْزِيهِ إلَى سَبَبٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ إجَارَةٍ وَنَحْوِهِ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ) عَلَى شَهَادَتِهِ لِأَنَّهُ بِنِسْبَتِهِ الْحَقَّ إلَى سَبَبِهِ يَزُولُ الِاحْتِمَالُ أَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَرْعَاهُ.
(وَ) الشَّرْطُ الثَّالِثُ (أَنْ يُؤَدِّيَهَا الْفَرْعُ بِصِفَةٍ) تَحَمُّلِهِ لَهَا (فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَقَدْ عَرَفْتُهُ بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَعَدَالَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَدَالَتَهُ لَمْ يَذْكُرْهَا أَشْهَدَنِي أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانَ ابْنِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ كَذَا، أَوْ) يَقُولُ (أَشْهَدَنِي أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا وَإِنْ سَمِعَهُ) شَاهِدُ الْفَرْع (يُشْهِدُ غَيْرَهُ، قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا بْنَ فُلَانٍ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ أَنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ كَذَا وَإِنْ كَانَ سَمِعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا بْنَ فُلَانٍ شَهِدَ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِكَذَا وَإِنْ كَانَ) شَاهِدُ الْحَقِّ يَنْسِبُ (الْحَقَّ إلَى سَبَبِهِ) مِنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنٍ مَبِيعٍ وَنَحْوِهِ فَسَمِعَهُ شَاهِدُ الْفَرْعِ.
(قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا بْنَ فُلَانٍ قَالَ اشْهَدْ أَنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ كَذَا مِنْ جِهَةِ كَذَا) فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهَا الْفَرْعَ عَلَى صِفَةِ تَحَمُّلِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا لِلِاخْتِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِرْعَاءِ، فَقَدْ يَرَى الشَّاهِدُ فِي الِاسْتِرْعَاءِ مَا لَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ فَلَا يَسُوغُ لَهُ الْحُكْمُ.
(وَإِنْ أَرَادَ الْحَاكِمُ أَنْ يَكْتُبَ) أَدَاءَ الْفَرْعِ لِشَهَادَتِهِ (كَتَبَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْأَدَاءِ) أَيْ عَلَى صِفَةِ الْأَدَاءِ لِيَكُونَ مَا كَتَبَهُ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ (وَمَا عَدَا هَذِهِ الْمَوَاضِعَ) الْمَذْكُورَةَ فِي الِاسْتِرْعَاءِ (لَا يَجُوزُ) لِلْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ فِيهَا عَلَى الشَّهَادَةِ، فَإِذَا سَمِعَهُ يَقُولُ عِنْدَ غَيْرِ الْحَاكِمِ (أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute