ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ نَفَذَ عِتْقُهُ وَهِبَتُهُ وَلَمْ يُنْقَضَا بِإِقْرَارِهِ) نَصًّا لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مُنَجَّزٌ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ مَالٍ أَزَالَهُ عَنْ مِلْكِهِ فَلَمْ يَقْضِهِ مَا تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ أَوْ وَهَبَ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ (وَتَقَدَّمَ حُكْمُ إقْرَارِ مُفْلِسٍ وَسَفِيهٍ فِي) كِتَابِ (الْحَجْرِ) مُفَصَّلًا.
(وَإِنْ أَقَرَّ لِامْرَأَتِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِمَهْرٍ لَمْ يُقْبَلْ) لِأَنَّهُ إقْرَارٌ لِوَارِثٍ (وَيَلْزَمُهُ مَهْرُ مِثْلِهَا) إنْ ادَّعَتْهُ (بِالزَّوْجِيَّةِ) أَيْ بِمُقْتَضَى كَوْنِهَا زَوْجَتَهُ (لَا بِإِقْرَارِهِ) لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ دَلَّتْ عَلَى الْمَهْرِ وَوُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ.
(وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ (بِأَخْذِ دَيْنٍ) لَهُ (مِنْ أَجْنَبِيٍّ) لِأَنَّهُ إقْرَارٌ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ فِي حَقِّهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ) الْمَرِيضُ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ (لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ صَحَّ) الْإِقْرَارُ (لِلْأَجْنَبِيِّ) بِغَيْرِ إجَازَةٍ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ آكَدُ مِنْهَا وَلِذَلِكَ لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ، وَيُوقَفُ إقْرَارُهُ عَلَى إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ.
(وَالِاعْتِبَارُ) فِي كَوْنِهِ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ (بِحَالَةِ الْإِقْرَارِ) لِأَنَّهُ قَوْلٌ تُعْتَبَرُ فِيهِ التُّهْمَةُ فَاعْتُبِرَتْ حَالَةُ وُجُودِهِ دُونَ غَيْرِهَا كَالشَّهَادَةِ (لَا بِحَالَةِ الْمَوْتِ) بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ (فَلَوْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ غَيْرَ وَارِثٍ لَمْ يَلْزَمْ إقْرَارُهُ) لِاقْتِرَانِ التُّهْمَةِ بِهِ فَلَا يَنْقَلِبُ لَازِمًا بَعْدَ ذَلِكَ (لَا أَنَّهُ) أَيْ الْإِقْرَارَ بَاطِلٌ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَهِيَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ لَا بَاطِلَةٌ، وَفِي نُسَخٍ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ وَلَيْسَ بِمُنَاسِبٍ لِقَوْلِهِ لَمْ يَلْزَمْ.
(وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ) صَحَّ وَإِنْ صَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَارِثًا، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِابْنِ ابْنِهِ مَعَ ابْنٍ فَمَاتَ ابْنُهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُ الْإِقْرَارِ لِوُقُوعِهِ مِنْ أَهْلِهِ خَالِيًا مِنْ التُّهْمَةِ يَثْبُتُ الْحَقُّ بِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُسْقِطُهُ.
(أَوْ أَعْطَاهُ) أَيْ أَعْطَى غَيْرَ وَارِثٍ لَزِمَتْ الْعَطِيَّةُ وَ (صَحَّ) الْعَقْدُ (وَإِنْ صَارَ) الْمُعْطِي (عِنْدَ الْمَوْتِ وَارِثًا) لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَقْتُ الْمَوْتِ فِي الْعَطِيَّةِ كَالْوَصِيَّةِ وَقَطَعَ بِهِ صَاحِبُ الْفُرُوعِ هُنَاكَ كَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَكَانَ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ كَلَامَ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ تَبَرُّعِ الْمَرِيضِ عَقِبَ الْمَسْأَلَةِ لِيُعْلَمَ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا، لَا يَقْطَعُ فِي مَكَان بِشَيْءٍ وَيُقْطَعُ بِضِدِّهِ فِي غَيْرِهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّتْ) الْمَرِيضَةُ (فِي مَرَضِهَا أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (لَمْ يَصِحَّ) الْإِقْرَارُ إنْ لَمْ يُجِزْهُ بَاقِي وَرَثَتِهَا لِلتُّهْمَةِ (إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِأَخْذِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ مُطْلَقًا (أَوْ بِإِسْقَاطِهِ) فِي غَيْرِ مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ وَهَذَا مَعْنَى مُهَنَّا وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ: لَوْ كَانَ مَهْرُهَا عَشْرَةَ آلَافٍ فَقَالَتْ مَالِي عَلَيْهِ إلَّا سِتَّةُ آلَافٍ الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ عَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْفُرُوعِ فِي تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَا لِي عَلَيْهِ إلَّا سِتَّةُ آلَافٍ أَيْ لَمْ يَتَزَوَّجْنِي إلَّا عَلَيْهَا لَا أَنَّهَا أَقَرَّتْ بِقَبْضِ أَرْبَعَةٍ بِخِلَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute