الْفُرُوعِ: خِلَافًا لِابْنِ حَزْمٍ فِي إيجَابِهِ هُنَا فَقَطْ (وَالْأَفْضَلُ) أَنْ تَكُونَ يَدَاهُ (مَكْشُوفَتَيْنِ هُنَا وَفِي الدُّعَاءِ) لِأَنَّ كَشْفَهُمَا أَدَلُّ عَلَى الْمَقْصُودِ، وَأَظْهَرُ فِي الْخُضُوعِ (أَوْ) يَرْفَعُ (إحْدَاهُمَا) أَيْ: إحْدَى الْيَدَيْنِ (عَجْزًا) عَنْ رَفْعِ الْيَدِ الْأُخْرَى لِمَرَضِهَا؛ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ: وَكَذَا لَوْ عَجَزَ عَنْ رَفْعِهِمَا لِمَانِعٍ، يُتَوَجَّهُ أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَهُمَا لَوْ كَانَا.
وَلَمْ أَجِدْ مَنْ ذَكَرَهُ (وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ الرَّفْعِ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ، وَانْتِهَاؤُهُ) أَيْ: الرَّفْعِ (مَعَ انْتِهَائِهِ) أَيْ: التَّكْبِيرِ لِمَا رَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرِ» وَلِأَنَّ الرَّفْعَ لِلتَّكْبِيرِ، فَكَانَ مَعَهُ وَتَكُونُ الْيَدَانِ حَالَ الرَّفْعِ (مَمْدُودَتَيْ الْأَصَابِعِ) لِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَدًّا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
(مَضْمُومَةً) أَصَابِعُهُمَا لِأَنَّ الْأَصَابِعَ إذَا ضُمَّتْ، تَمْتَدُّ (وَيَسْتَقْبِلُ بِبُطُونِهَا الْقِبْلَةَ) وَيَكُونُ الرَّفْعُ (إلَى حَذْوِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (مَنْكِبَيْهِ بِرُءُوسِهِمَا) وَالْحَذْوُ الْمُقَابِلُ وَالْمَنْكِبُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْكَافِّ: مَجْمَعُ عَظْمِ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ.
وَمَحَلُّ ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَكُنْ) لِلْمُصَلِّي (عُذْرٌ) يَمْنَعُهُ مِنْ رَفْعِهِمَا، أَوْ رَفْعِ إحْدَاهُمَا إلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ، حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَيَرْفَعُهُمَا) الْمُصَلِّي (أَقَلَّ) مِنْ ذَلِكَ (وَأَكْثَرَ) مِنْهُ (لِعُذْرٍ) يَمْنَعُهُ مِنْهُ، لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» .
(وَيَسْقُطُ) نَدْبُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ (مَعَ فَرَاغِ التَّكْبِيرِ كُلِّهِ) لِأَنَّهُ سُنَّةٌ فَاتَ مَحَلُّهَا وَإِنْ نَسِيَهُ فِي ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ ثُمَّ ذَكَرَهُ فِي أَثْنَائِهِ أَتَى بِهِ فِيمَا بَقِيَ لِبَقَاءِ مَحَلِّ الِاسْتِحْبَابِ (وَرَفْعُهُمَا) أَيْ: الْيَدَيْنِ (إشَارَةٌ إلَى رَفْعِ الْحِجَابِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ) كَمَا أَنَّ السَّبَّابَةَ إشَارَةٌ إلَى الْوَحْدَانِيَّةِ.
ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِ التَّكْبِيرِ، (يَحُطُّهُمَا) أَيْ: يَدَيْهِ (مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ (ثُمَّ يَقْبِضُ بِكَفِّهِ الْأَيْمَنِ كُوعَهُ الْأَيْسَرَ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَضَعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ وَائِلٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد " ثُمَّ «وَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى كَفِّهِ الْيُسْرَى، وَالرُّسْغَ وَالسَّاعِدَ» (وَيَجْعَلُهُمَا تَحْتَ سُرَّتِهِ) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ لِقَوْلِ عَلِيٍّ «مِنْ السُّنَّةِ وَضْعُ الْيُمْنَى عَلَى الشِّمَالِ تَحْتَ السُّرَّةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَذَكَرَ فِي التَّحْقِيقِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قِيلَ لِلْقَاضِي: هُوَ عَوْرَةٌ فَلَا يَضَعُهَا عَلَيْهِ كَالْعَانَةِ وَالْفَخِذِ؟
وَأَجَابَ: بِأَنَّ الْعَوْرَةَ أَوْلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute