للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَلَفْظُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَلِيِّ الرِّفَاعِيِّ وَقَدْ وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَابْنُ مَعِينٍ وَتَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَعَمِلَ بِهِ عُمَرُ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِذَلِكَ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَجَوَّزَ الِاسْتِفْتَاحَ بِغَيْرِهِ مِمَّا وَرَدَ.

وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (وَيَجُوزُ، وَلَا يُكْرَهُ بِغَيْرِهِ مِمَّا وَرَدَ) وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْأَفْضَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِكُلِّ نَوْعٍ أَحْيَانًا وَكَذَا صَلَاةُ الْخَوْفِ (ثُمَّ يَتَعَوَّذُ سِرًّا، فَيَقُولُ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [النحل: ٩٨] الْآيَةَ) أَيْ: إذَا أَرَدْتَ الْقِرَاءَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُهَا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ (وَكَيْفَمَا تَعَوَّذَ بِهِ مِنْ الْوَارِد فَحَسَنٌ) لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا " أَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هُوَ أَشْهَرُ حَدِيثٍ فِي الْبَابِ وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلزِّيَادَةِ وَالْأَخْذُ بِهَا أَوْلَى لَكِنْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَاخْتَارَ ابْنُ بَطَّةَ وُجُوبَ الِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ.

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: التَّعَوُّذَ أَوَّلَ كُلِّ قُرْبَةٍ (ثُمَّ يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ) أَيْ: يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (سِرًّا) لِمَا رَوَى نُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ قَالَ: صَلَّيْت وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، حَتَّى بَلَغَ وَلَا الضَّالِّينَ الْحَدِيثُ ثُمَّ قَالَ «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِالرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

وَفِي لَفْظٍ لِابْنِ خُزَيْمَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُسِرُّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» زَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ " فِي الصَّلَاةِ " فَيُسِرُّ بِهَا.

(وَلَوْ قِيلَ: إنَّهَا مِنْ الْفَاتِحَةِ) كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ وَأَبُو حَفْصٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ شِهَابٍ (وَلَيْسَتْ) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْفَاتِحَةِ، جَزَمَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَحَكَاهُ الْقَاضِي إجْمَاعًا سَابِقًا وَ (كَغَيْرِهَا) أَيْ: وَلَيْسَتْ آيَةً مِنْ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «قَالَ اللَّهُ: قَسَّمْت الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قَالَ اللَّهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي الْحَدِيثَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلَوْ كَانَتْ آيَةً لَعَدَّهَا وَبَدَأَ

<<  <  ج: ص:  >  >>