للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ، لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ سَمُرَةَ: لِيَتَمَكَّنَ الْمَأْمُومُ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مَعَ الْإِنْصَاتِ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ.

(وَيَلْزَمُ الْجَاهِلَ) يَعْنِي مَنْ لَمْ يُحِسَّنْ الْفَاتِحَةَ (تَعَلُّمُهَا) لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الصَّلَاةِ، فَلَزِمَهُ تَحْصِيلُهَا إذَا أَمْكَنَهُ كَشُرُوطِهَا (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ: لَمْ يَتَعَلَّمْ الْفَاتِحَةَ (مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) لِتَرْكِهِ الْفَرْضَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ (فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) عَلَى تَعَلُّمِ الْفَاتِحَةِ لِبُعْدِ حِفْظِهِ (أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ، سَقَطَ) كَسَائِرِ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ (وَلَزِمَهُ قِرَاءَةُ قَدْرِهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ (فِي عَدَدِ الْحُرُوفِ وَالْآيَاتِ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ مِنْ أَيِّ سُورَةٍ شَاءَ مِنْ الْقُرْآنِ، لِمُشَارَكَتِهِ لَهَا فِي الْقُرْآنِيَّةِ.

وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ عَدَدُ الْحُرُوفِ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ، بِدَلِيلِ اعْتِبَارِ تَقْدِيرِ الْحَسَنَاتِ بِهَا فَاعْتُبِرَتْ كَالْآيِ (فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ) مِنْ الْقُرْآنِ (إلَّا آيَةً وَاحِدَةً مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْفَاتِحَةِ (أَوْ مِنْ غَيْرِهَا كَرَّرَهَا بِقَدْرِهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ، مُرَاعِيًا عَدَدَ الْحُرُوفِ وَالْآيَاتِ، كَمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ كَانَ يُحْسِنُ آيَةً مِنْهَا) أَيْ: الْفَاتِحَةِ.

(وَ) يُحْسِنُ (شَيْئًا مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ: آيَةً فَأَكْثَرَ مِنْ بَاقِي السُّورِ (كَرَّرَ الْآيَةَ) الَّتِي يُحْسِنُهَا مِنْ الْفَاتِحَةِ وَ (لَا) يُكَرِّرُ (الشَّيْءَ) الَّذِي لَيْسَ مِنْ الْفَاتِحَةِ (بِقَدْرِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِكَرَّرَ، لِأَنَّ الَّذِي مِنْهَا أَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا (لَمْ يُحْسِنْ إلَّا بَعْضَ آيَةٍ، لَمْ يُكَرِّرْهُ وَعَدَلَ إلَى غَيْرِهِ) سَوَاءٌ كَانَ بَعْضُ الْآيَةِ مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ أَنْ يَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ» وَغَيْرِهَا مِمَّا يَأْتِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ بَعْضُ آيَةٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِتَكْرَارِهَا (فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ حَرُمَ أَنْ يُتَرْجِمَ عَنْهُ) أَيْ: أَنْ يَقُولَهُ (بِلُغَةٍ أُخْرَى) غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ (كَعَالِمٍ) بِالْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ عَنْهُ تَفْسِيرٌ لَا قُرْآنٌ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ اللَّفْظُ الْعَرَبِيُّ الْمُنَزَّلُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَالَ تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: ٢] وَقَالَ تَعَالَى " بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ".

(وَتَرْجَمَتُهُ) أَيْ: الْقُرْآنَ (بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا لَا تُسَمَّى قُرْآنًا فَلَا تَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ وَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ) لِمَا تَقَدَّمَ قَالَ أَحْمَدُ الْقُرْآنُ مُعْجِزٌ بِنَفْسِهِ، أَيْ: بِخِلَافِ تَرْجَمَتِهِ بِلُغَةٍ أُخْرَى، فَإِنَّهُ لَا إعْجَازَ فِيهَا، فَدَلَّ أَنَّ الْإِعْجَازَ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى وَفِي بَعْضِ آيَةٍ إعْجَازٌ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَفِي كَلَامِهِ فِي التَّمْهِيدِ فِي النَّسْخِ وَكَلَامِ أَبِي الْمَعَالِي: لَا.

(وَتَحْسُنُ لِلْحَاجَةِ تَرْجَمَتُهُ) أَيْ: الْقُرْآنِ (إذَا احْتَاجَ إلَى تَفَهُّمِهِ إيَّاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>