تَبَعٌ لَهَا، فَإِذَا سَقَطَ الْأَصْلُ سَقَطَ التَّبَعُ، وَدَلِيلُ التَّبَعِيَّةِ: مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ الْيَدَيْنِ يَسْجُدَانِ كَمَا يَسْجُدُ الْوَجْهُ، فَإِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ فَلْيَضَعْ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَهُ فَلْيَرْفَعْهُمَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
وَلَيْسَ الْمُرَادُ: أَنَّ الْيَدَيْنِ يُوضَعَانِ بَعْدَ وَضْعِ الْوَجْهِ، لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ: أَنَّ السُّجُودَ بِهِمَا تَبَعٌ لِلسُّجُودِ بِالْوَجْهِ وَبَاقِي الْأَعْضَاءِ مِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ الْفَارِقِ (وَإِنْ قَدَرَ) عَلَى السُّجُودِ (بِهَا) أَيْ: الْجَبْهَةِ (تَبِعَهَا الْبَاقِي) مِنْ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَيُجْزِئُ) فِي السُّجُودِ (بَعْضُ كُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ إذَا سَجَدَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ فِي الْحَدِيثِ وَيُجْزِئُهُ.
(وَلَوْ عَلَى ظَهْرِ كَفٍّ وَ) ظَهْرِ (قَدَمٍ وَنَحْوِهِمَا) كَمَا لَوْ سَجَدَ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِ يَدَيْهِ أَوْ قَدَمَيْهِ، لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، لِأَنَّهُ قَدْ سَجَدَ عَلَى قَدَمَيْهِ أَوْ يَدَيْهِ.
وَ (لَا) يُجْزِئُهُ السُّجُودُ (إنْ كَانَ بَعْضُهَا) أَيْ: بَعْضُ أَعْضَاءِ السُّجُودِ (فَوْقَ بَعْضٍ) كَوَضْعِ يَدَيْهِ تَحْتَ رُكْبَتَيْهِ أَوْ جَبْهَتِهِ عَلَى يَدَيْهِ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى تَدَاخُلِ أَعْضَاءِ السُّجُودِ (وَيُسْتَحَبُّ مُبَاشَرَةُ الْمُصَلَّى بِبَاطِنِ كَفَّيْهِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِمَا حَائِلٌ مُتَّصِلٌ بِهِ (وَضَمُّ أَصَابِعِهِمَا مُوَجَّهَةً نَحْوَ الْقِبْلَةِ غَيْرَ مَقْبُوضَةٍ، رَافِعًا مِرْفَقَيْهِ) لِمَا رَوَى الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا سَجَدْتَ فَضَعْ كَفَّيْكَ وَارْفَعْ مِرْفَقَيْك» .
(وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ: السَّاجِدِ (مُبَاشَرَةُ الْمُصَلَّى بِشَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ (حَتَّى الْجَبْهَةِ) .
أَمَّا سُقُوطُ الْمُبَاشَرَةِ بِالْقَدَمَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ فَإِجْمَاعٌ لِصَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّعْلَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَأَمَّا سُقُوطُ الْمُبَاشَرَةِ بِالْيَدَيْنِ فَقَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ وَهُوَ يَتَّقِي الطِّينَ إذَا سَجَدَ بِكِسَاءٍ عَلَيْهِ، يَجْعَلُهُ دُونَ يَدَيْهِ إلَى الْأَرْضِ إذَا سَجَدَ» وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ، يَتَّقِي بِفُضُولِهِ حَرَّ الْأَرْضِ وَبَرْدَهَا» رَوَاهُمَا أَحْمَدُ.
وَأَمَّا سُقُوطُ الْمُبَاشَرَةِ بِالْجَبْهَةِ فَلِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ، فَسَجَدَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ.
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ " كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ (لَكِنْ يُكْرَهُ تَرْكُهَا) أَيْ: تَرْكُ الْمُبَاشَرَةِ بِالْيَدَيْنِ وَالْجَبْهَةِ (بِلَا عُذْرٍ) مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ، لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ وَيَأْتِي بِالْعَزِيمَةِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ