بِهِ وَبَقِيَ بَعْدَهُ قُلَّتَانِ، لِأَنَّهُ بَعْضُ الْبَاقِي فَكَانَ طَهُورًا كَاَلَّذِي انْفَصَلَ مِنْهُ وَإِنَّمَا كَانَ الْمُنْفَصِلُ مِنْ غَسْلِ النَّجَاسَةِ بَعْدَ طَهَارَةِ الْمَحِلِّ طَاهِرًا لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْمُنْفَصِلَ عَنْ الْمَحِلِّ حُكْمَ الْمَاءِ الْبَاقِي فِي الْمَحِلِّ وَإِذَا حُكِمَ بِطَهَارَةِ الْمَحِلِّ كَانَ الْبَلَلُ الْبَاقِي فِي الْمَحِلِّ طَاهِرًا، فَكَذَلِكَ الْمُنْفَصِلُ مِنْهُ لِأَنَّهُ بَعْضُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَنْزُوحُ مُتَغَيِّرًا أَوْ كَانَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَهُوَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ فَنَجِسٌ.
قَالَ ابْنُ قُنْدُسٍ: وَالْمُرَادُ آخِرُ مَا نُزِحَ الْمَاءُ وَزَالَ مَعَهُ التَّغَيُّرُ وَلَمْ يُضِفْ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمَنْزُوحِ الَّذِي لَمْ يَزُلْ التَّغَيُّرُ بِنَزْحِهِ (وَلَا يَجِبُ غَسْلُ جَوَانِبِ بِئْرٍ) ضَيِّقَةً كَانَتْ أَوْ وَاسِعَةً (نُزِحَتْ) لِنَجَاسَةٍ حَصَلَتْ بِهَا (وَ) لَا غَسْلُ (أَرْضِهَا) لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، بِخِلَافِ رَأْسِهَا قُلْتُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَجِبُ غَسْلُ آلَةِ النَّزْحِ، لَكِنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ الْمَنْزُوحُ طَهُورٌ كَمَا تَقَدَّمَ: أَنَّ الْآلَةَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا ذَلِكَ لِلْحَرَجِ وَإِلَّا لَنَبَّهُوا عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ النَّجِسُ كَثِيرًا فَزَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَزْحٍ بَقِيَ بَعْدَهُ كَثِيرٌ صَارَ طَهُورًا إنْ كَانَ مُتَنَجِّسًا بِغَيْرِ الْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يَكُنْ مُجْتَمِعًا مِنْ) مَاءٍ (مُتَنَجِّسٍ) كَمَاءٍ مِنْ الْمِيَاهِ الَّتِي جُمِعَتْ (دُونَ قُلَّتَيْنِ كَاجْتِمَاعِ قُلَّةٍ نَجِسَةٍ إلَى مِثْلِهَا) فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ طَهُرَ لِزَوَالِ عِلَّةِ النَّجَاسَةِ وَهِيَ التَّغَيُّرُ، كَمَا لَوْ أُضِيفَ إلَيْهِ مَاءٌ كَثِيرٌ وَزَالَ بِهِ تَغَيُّرُهُ (فَإِنْ كَانَ) مُجْتَمِعًا مِنْ مُتَنَجِّسٍ كُلٌّ مِنْهُ دُون قُلَّتَيْنِ (فَ) هُوَ (نَجِسٌ) وَلَوْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَزْحٍ بَقِيَ بَعْدَهُ كَثِيرٌ، وَلَا يَطْهُرُ إلَّا بِإِضَافَةِ كَثِيرٍ (وَكَكَمَالِهِمَا) أَيْ الْقُلَّتَيْنِ (بِبَوْلٍ أَوْ نَجَاسَةٍ أُخْرَى) غَيْرِ الْبَوْلِ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِإِضَافَةِ كَثِيرٍ.
(وَكَذَا إنْ اجْتَمَعَ مِنْ نَجَسٍ وَطَهُورٍ وَطَاهِرٍ قُلَّتَانِ وَلَا تَغَيُّرَ فَكُلُّهُ نَجَسٌ) ؛ لِأَنَّ الطَّهُورَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ لَا يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ، فَكَذَا عَنْ غَيْرِهِ بَلْ أَوْلَى.
(وَتَطْهِيرُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ وَمَاءٌ) نَجَسٌ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا (كُوثِرَ بِمَاءٍ يَسِيرٍ بِالْإِضَافَةِ) أَيْ بِإِضَافَةِ مَا يَدْفَعُ تِلْكَ النَّجَاسَةَ لَوْ وَقَعَتْ فِيهِ ابْتِدَاءٍ عَنْ نَفْسِهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ إضَافَةِ يَسِيرٍ وَدُونَ زَوَالِ التَّغَيُّرِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَزْحٍ (إنْ كُوثِرَ) هَذَا الْمَاءُ الْمَذْكُورُ (بِمَاءٍ يَسِيرٍ) لَمْ يَطْهُرْ (أَوْ كَانَ) الْمُتَنَجِّسُ (كَثِيرًا فَأُضِيفَ إلَيْهِ ذَلِكَ) أَيْ مَاءٌ يَسِيرٌ (أَوْ) أُضِيفَ إلَيْهِ (غَيْرُ الْمَاءِ) مِنْ تُرَابٍ أَوْ نَحْوِهِ (لَمْ يَطْهُرْ) بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute