للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَغَايَرَا.

(وَإِذَا أَدْرَكَ) الْمَسْبُوقُ (بَعْضَ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ، فَجَلَسَ الْإِمَامُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ لَمْ يُزِدْ الْمَأْمُومُ عَلَى التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، بَلْ يُكَرِّرْهُ) أَيْ: التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ حَتَّى يُسَلِّمَ الْإِمَامُ (وَلَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَدْعُو بِشَيْءٍ مِمَّا يُدْعَى بِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَقَّبْهُ، وَلِأَنَّهُ لَا يَقْصُرُ سَلَامَهُ.

(فَإِنْ سَلَّمَ إمَامُهُ) قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهُ (قَامَ وَلَمْ يُتِمَّهُ) لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فِي حَقِّهِ) بِأَنْ يَكُونَ مَحَلُّ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلَ، فَيُتِمُّهُ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ (وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (مُنْفَرِدًا) عَنْهُ (نَصًّا) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عَلِيٍّ لِعُمَرَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى غَيْرِهِ مُنْفَرِدًا، وَحَكَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - رَوَاهُ سَعِيدٌ وَاللَّالَكَائِيُّ عَنْهُ قَالَ الشَّيْخُ وَجِيهُ الدِّينِ: الصَّلَاةُ عَلَى غَيْرِ الرَّسُولِ جَائِزَةٌ تَبَعًا لَا مَقْصُودَةً، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مَنْصُوصَ أَحْمَدَ.

قَالَ: وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَعَبْدُ الْقَادِرِ، قَالَ: وَإِذَا جَازَتْ جَازَتْ أَحْيَانًا عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَإِمَّا أَنَّهُ يُتَّخَذُ شِعَارًا لِذِكْرِ بَعْضِ النَّاسِ، أَوْ يُقْصَدُ الصَّلَاةُ عَلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ دُونَ بَعْضٍ فَهَذَا لَا يَجُوزُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَالسَّلَامُ عَلَى غَيْرِهِ بِاسْمِهِ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ.

(وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) فَإِنَّهَا رُكْنٌ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَكَذَا فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ (بِتَأَكُّدٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٦] الْآيَةَ وَالْأَحَادِيثُ بِهَا شَهِيرَةٌ (وَتَتَأَكَّدُ) الصَّلَاةُ عَلَيْهِ (كَثِيرًا عِنْدَ ذِكْرِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ قِيلَ: بِوُجُوبِهَا إذَنْ، وَتَقَدَّمَ تَوْضِيحُهُ فِي شَرْحِ الْخُطْبَةِ.

(وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتِهَا) لِلْخَبَرِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي جَلَاءِ الْأَفْهَامِ: هِيَ مَشْرُوعَةٌ.

وَقَدْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمْ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ، وَذَكَرَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ اسْتِقْلَالًا، وَذَكَرَ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ مُسْتَحَبَّةٌ، قَالَهُ ابْنُ قُنْدُسٍ، فِي حَاشِيَةِ الْفُرُوعِ.

(تَنْبِيهٌ) إنْ قِيلَ إنَّ الْمُشَبَّهَ دُونَ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَكَيْفَ تَطْلُبُ صَلَاةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتُشْبِهُ بِالصَّلَاةِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِهِ؟ أُجِيبُ: بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَصْلُ الصَّلَاةِ بِأَصْلِهَا، لَا الْقَدْرُ بِالْقَدْرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: ١٨٣] الْآيَةَ) وَيُحْتَمَلُ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>