وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَتَبْطُلُ بِهِ لِمُنَافَاتِهِ لِلصَّلَاةِ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ، وَالْخُنْثَى كَامْرَأَةٍ (وَإِنْ كَثُرَ) التَّصْفِيقُ (أَبْطَلَهَا) لِأَنَّهُ عَمَلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ، فَأَبْطَلَهَا كَثِيرُهُ، عَمْدًا كَانَ أَوْ سَهْوًا (وَلَوْ عَطَسَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَوْ لَسَعَهُ شَيْءٌ) مِنْ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، أَوْ سَمِعَ) مَا يَغُمُّهُ (أَوْ رَأَى مَا يَغُمُّهُ، فَقَالَ: إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ) أَوْ سَمِعَ (أَوْ رَأَى مَا يُعْجِبُهُ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَوْ قِيلَ لَهُ: وُلِدَ لَك غُلَامٌ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَوْ احْتَرَقَ دُكَّانُهُ وَنَحْوه فَقَالَ: لَا حَوَلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ كُرِهَ) لِلِاخْتِلَافِ فِي إبْطَالِهِ الصَّلَاةَ (وَصَحَّتْ) لِلْأَخْبَارِ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَكَذَا لَوْ خَاطَبَ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ كَأَنْ يُسْتَأْذَنُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ) آمِنِينَ (أَوْ يَقُولُ لِمَنْ اسْمُهُ يَحْيَى {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: ١٢] لِمَا رَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ اسْتَأْذَنَّا عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَ: {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [يوسف: ٩٩] فَقُلْنَا: كَيْف صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: اسْتَأْذَنَّا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَ: {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [يوسف: ٩٩] وَلِأَنَّهُ قُرْآنٌ فَلَمْ تَفْسُدْ بِهِ الصَّلَاةُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ التَّنْبِيهَ وَقَالَ الْقَاضِي إذَا قَصَدَ بِالْحَمْدِ الذِّكْرَ أَوْ الْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِنْ قَصَدَ خِطَابَ آدَمِيٍّ بَطَلَتْ وَإِنْ قَصَدَهُمَا فَوَجْهَانِ فَأَمَّا إنْ أَتَى بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ اسْمُهُ إبْرَاهِيمُ يَا إبْرَاهِيمُ وَنَحْوه فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ هَذَا كَلَامُ النَّاسِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ عَنْ كَلَامِهِمْ بِمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْقُرْآنُ أَشْبَهَ مَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ كَلِمَاتٍ مُفَرَّقَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَقَالَ: يَا إبْرَاهِيمُ خُذْ الْكِتَابَ الْكَبِيرَ.
(وَإِنْ بَدَرَهُ) أَيْ الْمُصَلِّي (مُخَاطٌ أَوْ بُزَاقٌ) وَيُقَالُ: بِالسِّينِ وَالصَّادِ أَيْضًا (وَنَحْوه) كَنُخَامَةٍ (فِي الْمَسْجِدِ بَصَقَ فِي ثَوْبِهِ وَ) حَكَّ بَعْضُهُ بِبَعْضِ، إذْهَابًا لِصُورَتِهِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلَا يَبْزُقَنَّ قِبَلَ قِبْلَتِهِ لَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَزَقَ فِيهِ، ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِمُسْلِمٍ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ لِمَا فِيهِ مِنْ صِيَانَةِ الْمَسْجِدِ عَنْ الْبُصَاقِ فِيهِ وَيَبْصُقُ وَنَحْوه (فِي غَيْرِهِ عَنْ يَسَارِهِ، وَتَحْتَ قَدَمِهِ) وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ: عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ وَلَعَلَّ فِيهِ سَقْطُ الْوَاوِ، أَوْ لِيُوَافِقَ الْخَبَرَ وَكَلَامَ الْأَصْحَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute