هَلْ هِيَ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ، أَوْ هِيَ سُتْرَةٌ لَهُ خَاصَّةً، وَهُوَ سُتْرَةً لِمَنْ خَلْفَهُ، مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُمَا مُصَلُّونَ إلَى سُتْرَةٍ انْتَهَى وَالْمَعْنَى أَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِلْمَأْمُومِ سَوَاءٌ صَلَّى خَلْفَ الْإِمَامِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، أَوْ عَنْ جَانِبَيْهِ أَوْ قُدَّامَهُ، حَيْثُ صَحَّتْ.
أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي شَرْح الْفُرُوعِ (فَلَا يَضُرُّ صَلَاتَهُمْ) أَيْ الْمَأْمُومِينَ (مُرُورُ شَيْءٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «هَبَطْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ثَنِيَّةٍ إلَى أُخْرَى فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ، فَعَمَدَ إلَى جِدَارٍ فَاتَّخَذَهُ قِبْلَةً وَنَحْنُ خَلْفَهُ فَجَاءَتْ بَهِيمَةٌ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَا زَالَ يُدَارِيهَا حَتَّى لَصِقَ بَطْنُهُ بِالْجِدَارِ فَمَرَّتْ مِنْ وَرَائِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَلَوْلَا أَنَّ سُتْرَتَهُ سُتْرَةٌ لَهُمْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ مُرُورِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَخَلْفَهُ فَرْقٌ.
(وَإِنْ مَرَّ مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ) وَهُوَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ (بَيْنَ الْإِمَامِ وَسُتْرَتِهِ قَطَعَ صَلَاتَهُ وَصَلَاتَهُمْ) لِأَنَّهُ مَرَّ بَيْنهمْ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ قَالَ فِي الْمُبْدِع: فَظَاهِرُهُ: أَنَّ هَذَا فِيمَا يُبْطِلُهَا خَاصَّةً وَأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي نَهْيِ الْآدَمِيِّ عَنْ الْمُرُورِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَكَذَا الْمُصَلِّي لَا يَدَعُ شَيْئًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: لَمْ أَرَ أَحَدًا تَعَرَّضَ لِجَوَازِ مُرُورِ الْإِنْسَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَأْمُومِينَ، فَيَحْتَمِلُ جَوَازَهُ اعْتِبَارًا بِسُتْرَةِ الْإِمَامِ لَهُ حُكْمًا وَيَحْتَمِلُ اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِعَدَمِ الْإِبْطَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْجَمِيعِ.
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ.
(وَلَهُ) أَيْ الْمُصَلِّي (الْقِرَاءَةُ فِي الْمُصْحَفِ وَلَوْ حَافِظًا) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهَا كَانَ يَؤُمُّهَا غُلَامُهَا ذَكْوَانُ فِي الْمُصْحَفِ فِي رَمَضَانَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ الزُّهْرِيُّ كَانَ خِيَارُنَا يَقْرَءُونَ فِي الْمَصَاحِفِ وَالْفَرْضُ وَالنَّفَلُ سَوَاءٌ قَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ (وَلَهُ السُّؤَالُ وَالتَّعَوُّذُ فِي فَرْضٍ وَنَفْلٍ، عِنْدَ آيَةِ رَحْمَةٍ أَوْ عَذَابٍ) فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ رَوَى حُذَيْفَةُ قَالَ «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ بِالْبَقَرَةِ فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ ثُمَّ مَضَى إلَى أَنْ قَالَ إذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ» مُخْتَصَرٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَخَيْرٌ (حَتَّى مَأْمُومٌ نَصًّا وَيَخْفِضُ صَوْتَهُ) نَقَلَ الْفَضْلُ لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَهُ مَأْمُومٌ وَيَخْفِضُ صَوْتَهُ.
تَتِمَّةٌ قَالَ أَحْمَدُ إذَا قَرَأَ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: ٤٠] فِي صَلَاةٍ وَغَيْرهَا قَالَ سُبْحَانَكَ فَبَلَى، فِي فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَمَنَعَ مِنْهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِيهِمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute