التَّسْلِيمُ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْتِمُ صَلَاتَهُ بِالتَّسْلِيمِ» وَثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَلِأَنَّهُمَا نُطْقٌ مَشْرُوعٌ فِي أَحَدِ طَرَفَيْهَا فَكَانَ رُكْنًا كَالطَّرَفِ الْآخَرِ (إلَّا فِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ وَسُجُودِ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ) فَيَخْرُجُ مِنْهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ.
(وَ) إلَّا فِي (نَافِلَةٍ فَتُجْزِي) تَسْلِيمَةٌ (وَاحِدَةٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْمَجْدُ) عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ تَيْمِيَّةَ قَالَ (فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ النَّفْلِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ الْقَاضِي الثَّانِيَةُ سُنَّةٌ فِي الْجِنَازَةِ وَالنَّافِلَةِ رِوَايَة وَاحِدَة انْتَهَى) وَظَاهِر مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّفَلَ كَالْفَرْضِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى (وَهُمَا) أَيْ التَّسْلِيمَتَانِ (مِنْ الصَّلَاةِ) كَسَائِرِ الْأَرْكَانِ فَلَا يَقُومُ الْمَسْبُوقُ قَبْلَهُمَا.
(وَ) الرَّابِعَ عَشَرَ (التَّرْتِيبُ) أَيْ تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ عَلَى مَا ذُكِرَ هُنَا، أَوْ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، فَاللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّيهَا مُرَتَّبَةً وَعَلَّمَهَا لِلْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ مُرَتَّبَةً بِثُمَّ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَبْطُلُ بِالْحَدَثِ، فَكَانَ التَّرْتِيبُ فِيهَا رُكْنًا كَغَيْرِهِ.
(وَ) الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَأَقْوَالِهَا، (وَاجِبَاتُهَا الَّتِي تَبْطُلُ بِتَرْكِهَا عَمْدًا وَتَسْقُطُ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا نَصًّا) خَرَجَ بِهِ الشُّرُوطُ وَالْأَرْكَانُ (وَلَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِهِ) أَيْ بِتَرْكِهَا سَهْوًا أَوْ جَهْلًا (وَيُجْبِرُهُ) أَيْ تَرْكُهَا لِذَلِكَ (السُّجُودُ) أَيْ سُجُودُ السَّهْوِ (ثَمَانِيَةٌ) خَبَر: وَاجِبَاتُهَا وَالْمَوْصُولُ نَعْتٌ، وَجَعَلَهُ خَبَرًا يُؤَدِّي إلَى التَّعْرِيفِ بِالْحُكْمِ.
فَيَلْزَمُهُ الدَّوْرُ أَحَدُهَا: (التَّكْبِيرُ) لِلِانْتِقَالِ (فِي مَحَلِّهِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ انْتِقَالٍ وَانْتِهَاءٍ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُكَبِّرُ كَذَلِكَ وَقَالَ: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» .
وَعَنْهُ سُنَّةٌ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعَلِّمْهُ الْمُسِيءَ فِي صَلَاتِهِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ قُلْنَا: وَلَمْ يُعَلِّمْهُ التَّشَهُّدَ وَلَا السَّلَامَ، وَلَعَلَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى تَعْلِيمهِ مَا أَسَاءَ فِيهِ (فَلَوْ شَرَعَ) الْمُصَلِّي (فِيهِ) أَيْ التَّكْبِيرِ (قَبْلَ انْتِقَالِهِ) كَأَنْ يُكَبِّرَ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ قَبْلَ هُوِيِّهِ إلَيْهِ (أَوْ كَمَّلَهُ) أَيْ التَّكْبِيرَ (بَعْدَ انْتِهَائِهِ) بِأَنْ كَبَّرَ وَهُوَ رَاكِعٌ أَوْ وَهُوَ سَاجِدٌ بَعْدَ انْتِهَاءِ هُوِيِّهِ (لَمْ يُجْزِئْهُ) ذَلِكَ التَّكْبِيرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ فِي مَحَلِّهِ (كَتَكْمِيلِهِ وَاجِبَ قِرَاءَةٍ رَاكِعًا، أَوْ شُرُوعِهِ فِي تَشَهُّدٍ قَبْلَ قُعُودِهِ، وَكَمَا لَا يَأْتِي بِتَكْبِيرِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ فِيهِ) أَيْ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ (وَيُجْزِئُهُ فِيمَا بَيْنَ ابْتِدَاءِ الِانْتِقَالِ وَانْتِهَائِهِ لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّهِ) .
قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَكْبِيرُ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ وَالنُّهُوضِ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ ابْتِدَاءِ الِانْتِقَالِ وَانْتِهَاؤُهُ مَعَ انْتِهَائِهِ فَإِنْ كَمَّلَهُ فِي جُزْءٍ مِنْهُ أَجْزَأَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ عَنْ مَحَلِّهِ وَإِنْ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَهُ أَوْ كَمَّلَهُ بَعْدَهُ فَوَقَعَ بَعْضُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute